للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقيل: عن يقين، وهو قول في مذهب الحنابلة (١).

وفي قبول خبر غير الطبيب:

ألحق الحنفية والمالكية والشافعية بالطبيب غلبة ظن المريض باجتهاد عن أمارة أو تجربة، وظاهر كلام الحنابلة أنه لا بد من طبيب (٢).

قال المالكية: إذا استند إلى سبب كتجربة في نفسه أو إلى خبر غيره، ولو لم يكن طبيبًا إذا كان موافقًا له في المزاج، أو إلى خبر عارف بالطب، ولو كافرًا عند عدم المسلم العارف به إذا أخبره يقينًا أو ظنًّا، لا شكًّا عمل بقوله (٣).

وقال النووي: «ويشترط خبر طبيب مسلم، أو معرفة المتداوي إن عرف» (٤).

وقال الرملي: «إن أخبره بكونه … مخوفًا طبيب مقبول الرواية، ولو عبدًا أو


(١) الفروع (٣/ ٧٩).
(٢) انظر: المراجع السابقة.
(٣) الفواكه الدواني (١/ ٣٠٩)، حاشية العدوي على شرح الخرشي (٢/ ٢٦١)، حاشية الدسوقي (١/ ١٤٩، ٢٥٦، ٥٣٥)، ضوء الشموع شرح المجموع (١/ ٦٥٩)، منح الجليل (١/ ١٤٤).
وقوله: (موافق له في المزاج)، يقول القرافي في شرح تنقيح الفصول (ص: ١٦): «اختص الطب بمعرفة مزاج الإنسان، والشعر بمعرفة الأوزان، والفقه بمعرفة الأحكام».
وقال ابن الحاج في المدخل (٤/ ١٣٧): «وينبغي للطبيب أن يكون عارفًا بحال المريض في حال صحته في مزاجه ومرباه وإقليمه وما اعتاده من الأطعمة والأدوية، فإن لم يعلم ذلك فبالسؤال من المريض أو ممن يلوذ به فيعمل على مقتضى ذلك كله». ثم ذكر قصة عجيبة في مرض السلطان وشفائه، فارجع إليه.
فصار المقصود بالمزاج: ما اعتاده من الأطعمة والأدوية، وما تربى عليه في بيئته. ولذلك كان المسافر غالبًا ما يكون عرضة للتقلب الصحي؛ لأنه يغير عاداته، وما تربى عليه من الأطعمة مما ألفه جسمه، وتعودت عليه معدته، ويندر أن أسافر، ولا أنكر معدتي، فالمزاج: أن تعطي الجسد ما عودته، والله أعلم.
فإذا علم ذلك، فقال المالكية: إذا أخبره رجل ولو لم يكن طبيبًا إذا كان موافقًا له في المزاج بأن هذا يضره أو ينفعه فله العمل بقوله، والله أعلم.
وانظر: مواهب الجليل (١/ ٣٣٤)، شرح الزرقاني على خليل (١/ ١٦٣، ٢٠٦)، لوامع الدرر (١/ ٥٢٨) و (٢/ ١٧٧).
(٤) روضة الطالبين (١٠/ ١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>