بأن هذا نظر في مقابل النصف، فيكون فاسدًا، فالأصل المقيس عليه مخالف للنصوص، فقد صلى النبي ﷺ بأصحابه قاعدًا حين سقط من فرسه، والحديث في الصحيحين من حديث أنس، وعائشة، وكذلك في مرض موته على أحد الأقوال.
دليل من فرق بين من يومئ بالركوع والسجود وبين أن يركع ويسجد:
قاسوا أحكام البناء على صلاته لنفسه على قولهم في الاقتداء، فقالوا: لا يجوز الاقتداء بالإمام القاعد إلا إذا كان يركع ويسجد فإن كان يؤمئ بهما لم يصح الاقتداء فكذا البناء، وكان القياس ألا يصح اقتداء القائم بالقاعد، وإنما تركناه استحسانًا لورود النص، فالنبي ﷺ صلى، وهو قاعد، والقوم قيام.
ولأنه ليس من شرط صحة الاقتداء مشاركة المأموم للإمام في القيام، بدلالة أنه لو أدرك الإمام في الركوع كبر قائمًا، وركع، واعتد بتلك الركعة، ولم يشاركه في القيام.
وأما الدليل على اشتراط أن يكون الإمام قادرًا على الركوع والسجود، فذلك لأن في اقتداء القائم بالرَّاكع استواء النِّصف الأسفل، وفي اقتداء القائم بالقاعد استواء النِّصف الأعلى، فتقع المشاركة بين المأموم وإمامه، فيجوز، بخلاف المومئ بالركوع والسجود، فلا مشاركة بينه وبين إمامه، فما جاز فيه الاقتداء جاز في البناء على فعل نفسه، وما امتنع فيه الاقتداء امتنع فيه البناء على فعل نفسه.
جاء في تحفة الفقهاء: «ولو أن المريض إذا قدر على القيام أو على الركوع والسجود بعدما شرع في الصلاة قاعدًا وبالإيماء، ينظر:
إن شرع قاعدًا بركوع وسجود فإنه يبني على تلك الصلاة ويتمها قائمًا بركوع وسجود عند أبي حنيفة وأبي يوسف؛ لأن من أصلهما أن اقتداء القائم بالقاعد الذي يصلي بركوع وسجود جائز في الابتداء فكذلك يجوز في البناء.
وعلى قول محمد: لا يبني بل يستقبل؛ لأن عنده لا يجوز اقتداء القائم بالقاعد فكذا لا يجوز البناء.