للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصلاة ولا عدمها، بخلاف تكبيرة الإحرام فإنه يلزم من وجودها دخولك في الصلاة.

الدليل الثاني:

أمر الله بالصلاة حال القتال، قال تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩]، فإذا أمر بالصلاة مع الخوف وحال شدة القتال، وقد لا يستطيع معه المجاهد الأذكار القولية، ولا يتمكن من الإيماء بأفعالها، فلا يبقى له من صلاته إلا نية الصلاة، فكذلك هنا.

قال القرطبي: «إذا لم تسقط الصلاة بالخوف، فأحرى ألا تسقط بغيره من مرض أو نحوه» (١).

ويجاب:

لم تسقط الصلاة حال الخوف لقدرة المجاهد على الإيماء؛ لأن الجهاد إذا لم يمنع المجاهد من الحركة لم يمنعه من الإيماء؛ لأنه من جملة الحركات التي يقدر عليها المجاهد حال الكر والفر.

ولو فرض أن المجاهد لا يقدر على الأفعال والأقوال لم يصل بالنية وحدها بل يؤخر الصلاة إلى حين تضع الحرب أوزارها، ودليله حديث أنس في فتح تُسْتَر، فإن الصحابة أخَّروا صلاةَ الفَجر عن وقتها إلى الضُّحى حتى فَتَح اللَّهُ عليهم.

وعليه يُحمل تأخير النَّبيِّ الصلاة عن وقتها يوم الخندق الصلاةَ؛ فإنَّ النبيَّ قال: شَغلونا عن الصَّلاة الوسطى، فلم يستطع أن يصلِّيَها في وقتها.

وغزوة الخندق كانت في السَّنةِ الخامسة، وغزوة ذات الرِّقاع كانت في السَّنة الرَّابعة على المشهور، وقد صلَّى فيها صلاة الخوف، فتبيَّن أنَّه أخَّرها في الخندق لشدَّة الخوف.

دليل من قال: يتخير بين الإيماء بالطرف مع النية بالقلب أو الصلاة بقلبه:

المصلي مخير إن شاء أومأ بطرفه ونوى بقلبه؛ لأن نية القلب لا بد منها؛ لأن به يتميز الركوع من السجود، والقيام من القعود، وإن شاء اقتصر على الصلاة بقلبه؛


(١) الجامع لأحكام القرطبي (٣/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>