للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عشر يومًا فإذا زاد أتم الصلاة، أخذ ذلك تأسيًا بالنبي (١).

قال شيخ الإسلام: «أقام النبي في غزوة الفتح تسعة عشر يومًا يقصر الصلاة، وأقام بتبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة، ومعلوم بالعادة أن ما كان يفعل بمكة وتبوك لم يكن ينقضي في ثلاثة أيام ولا أربعة، حتى يقال: إنه كان يقول: اليوم أسافر، غدًا أسافر! بل فتح مكة، وأهلها وما حولها كفار محاربون له، وهي أعظم مدينة فتحها، وبفتحها ذلت الأعداء وأسلمت العرب، وسرى السرايا إلى النواحي ينتظر قدومهم، ومثل هذه الأمور مما يعلم أنها لا تنقضي في أربعة أيام، فعلم أنه أقام لأمور يعلم أنها لا تنقضي في أربعة، وكذلك في تبوك» (٢).

ويقول شيخ الإسلام: «أقام المسلمون بنهاوند ستة أشهر يقصرون الصلاة وكانوا يقصرون الصلاة مع علمهم أن حاجتهم لا تنقضي في أربعة أيام ولا أكثر. كما أقام النبي وأصحابه بعد فتح مكة قريبًا من عشرين يومًا يقصرون الصلاة وأقاموا بمكة عشرة أيام يفطرون في رمضان. وكان النبي لما فتح مكة يعلم أنه يحتاج أن يقيم بها أكثر من أربعة أيام» (٣).

ورد على هذا النقاش:

جواب شيخ الإسلام متوجه لقول الجمهور القائلين بأن من لم يجمع مكثًا يقصر بشرط أن يُحْتَمل انقضاء حاجته في مدة القصر، وهو أحد الأقوال في المسألة، وأما على القول الذي لا يشترط هذا الشرط، ويقول: إذا لم يجمع إقامة قصر مطلقًا، ولو أقام دهرًا، سواء غلب على ظنه كثرة ذلك أو قلته فلا يصح الاعتراض عليه بأن ما يفعل بمكة وتبوك لا يمكن أن ينقضي في ثلاثة أيام ولا أربعة، لأنه لا يشترط إلا شرطين: ألا يجمع إقامة، ولا يعلم متى تنقضي حاجته، ولو قطع أنها تتأخر جدًّا، فهذا ابن عمر الذي صرح بأنه إذا أجمع إقامة أتم قد قصر الصلاة حين حبسه الثلج بأذربيجان ستة أشهر، ومن المعلوم أن الثلج لا يذوب خلال شهر، فكأن مناط


(١) انظر: زاد المعاد، ط: عطاءات العلم (٣/ ٧٠٩).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٤/ ١٣٦، ١٣٧).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٤/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>