للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عشرةَ زمنَ الفتح، قال: إنَّما أرادَ حُنينًا لم يكُنْ ثمَّ إجماعٌ، وأقامَ بتبوكَ عشرينَ لمْ يكُنْ ثَمَّ إجماعٌ، ولكن إذا أُجمِعَ على إقامةٍ زيادةً على أربع أتَمَّ الصَّلاةَ» (١).

ولأن المحارب في دار الحرب لا تصح له إقامة؛ لأنه لا يتمكن من الاستيطان، فإنه بين أن يهزم عدوه فيقر، أو يغلب فيرجع، فكانوا ينتظرون الرجوع في كل يوم، فلم يجمعوا على الإقامة مدة معلومة.

وقال أبو بكر الأثرم: «فأما حديث ابن عباس وعمران بن حصين في إقامة النبي بمكة في الفتح؛ فإنه لم يكن للنبي عزيمة تعلم.

وكذلك السنة في من لم يعزم، أنه يقصر ما أقام، كما فعل أصحاب النبي ، أقام عدة منهم سنتين يقصر الصلاة» (٢).

ونوقش هذا من وجهين:

الوجه الأول:

قول أبي بكر الأثر: السنة في من لم يعزم أنه يقصر: إن قصد بذلك سنة النبي فلا يحفظ في ذلك شيء مرفوع من سنته، وإن قصد سنة أصحابه، فهم مختلفون، ولم يصح ذلك عن أحد من الصحابة إلا عن ابن عمر في أحد أقواله التي رويت عنه، وما روي عن عليٍّ وابن عباس فضعيف، وهو معارض بفعل أنس، وعبد الرحمن بن سمرة، وسعد بن أبي وقاص، وابن مسعود رضي الله عن الجميع (٣).

الوجه الثاني:

النبي لما قصر بمكة وتبوك لم يعلل فعله إلا بالسفر، ولم يبين لهم أنه قصر مع الإقامة لأنه لم يعزم على إقامة أكثر من أربعة أيام، ولا قال: إن حاجته يحتمل أنها تنقضي قبل الأربعة أيام، وهو يعلم أنهم يقتدون به في صلاته ويتأسون به في القصر في مدة إقامته، فلم يقل لهم حرفًا واحدًا؛ ولا يجوز تأخر البيان عن وقت الحاجة، لهذا قال ابن عباس: في المسافر إذا أقام: يقصر تسعة


(١) الجامع لعلوم الإمام أحمد (٨/ ١٠٥)، المغني (٢/ ٢١٣).
(٢) الناسخ والمنسوخ (ص: ١٣٩، ١٤٠).
(٣) انظر تخريج هذه الآثار عن الصحابة في المسألة التي بعد هذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>