قيل: لا يقصر إلا إذا جاوز عمران القرية التي خرج منها، وهو مذهب عامة الفقهاء.
وقيل: إذا عزم على السفر فله القصر، وهو في منزله، وهو منسوب للحارث بن أبي ربيعة، والأسود بن يزيد.
وقيل: إذا جاوز حيطان بيته قصر، وهو قول عطاء.
وقيل: إذا سافر نهارًا فلا يقصر حتى يدخل الليل، وإن سافر بالليل لم يقصر حتى يدخل النهار، وهو قول مجاهد.
دليل من قال: يقصر بمجرد مفارقة عمران القرية:
الدليل الأول:
قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١].
ولا يكون ضاربًا في الأرض حتى يفارق عامر قريته.
الدليل الثاني:
السفر مأخوذ من السفور، وهو الظهور، قال تعالى: ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ﴾ أي ظهر وتبين وأضاء، فما لم يظهر من بلده فهو مقيم.
الدليل الثالث:
(ح-٣٤٦٢) ما رواه البخاري ومسلم من طريق أيوب، عن أبي قلابة،
عن أنس ﵁ قال: صلى النبي ﷺ بالمدينة الظهر أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين (١).
فكشف هذا الحديث متى يشرع المسافر بالترخص، فالنبي ﷺ صلى الظهر بالمدينة، وهو عازم على السفر إلى مكة، فلم يقصر، وصلى العصر ركعتين في ذي الحليفة بعد أن فارق المدينة.
وهذا الحديث المتفق عليه يبين أن النبي ﷺ كان قد تجهز للرحيل قبل صلاة