للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فتلخص لنا من هذا أن الأقوال أربعة:

قيل: لا يقصر إلا إذا جاوز عمران القرية التي خرج منها، وهو مذهب عامة الفقهاء.

وقيل: إذا عزم على السفر فله القصر، وهو في منزله، وهو منسوب للحارث بن أبي ربيعة، والأسود بن يزيد.

وقيل: إذا جاوز حيطان بيته قصر، وهو قول عطاء.

وقيل: إذا سافر نهارًا فلا يقصر حتى يدخل الليل، وإن سافر بالليل لم يقصر حتى يدخل النهار، وهو قول مجاهد.

دليل من قال: يقصر بمجرد مفارقة عمران القرية:

الدليل الأول:

قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١].

ولا يكون ضاربًا في الأرض حتى يفارق عامر قريته.

الدليل الثاني:

السفر مأخوذ من السفور، وهو الظهور، قال تعالى: ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ﴾ أي ظهر وتبين وأضاء، فما لم يظهر من بلده فهو مقيم.

الدليل الثالث:

(ح-٣٤٦٢) ما رواه البخاري ومسلم من طريق أيوب، عن أبي قلابة،

عن أنس قال: صلى النبي بالمدينة الظهر أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين (١).

فكشف هذا الحديث متى يشرع المسافر بالترخص، فالنبي صلى الظهر بالمدينة، وهو عازم على السفر إلى مكة، فلم يقصر، وصلى العصر ركعتين في ذي الحليفة بعد أن فارق المدينة.

وهذا الحديث المتفق عليه يبين أن النبي كان قد تجهز للرحيل قبل صلاة


(١) صحيح البخاري (١٥٤٨)، وصحيح مسلم (١٠ - ٦٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>