للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

العمران، ولا يصير مسافرًا بمجرد النية؛ لأن مجرد العزم معفو ما لم يتصل بالفعل» (١).

قال ابن عبد البر: وهو مذهب جماعة العلماء إلا من شذ.

وجاء في موطأ مالك: «لا يقصر الذي يريد السفر الصلاة، حتى يخرج من بيوت القرية، ولا يتم حتى يدخل أول بيوت القرية أو يقارب ذلك» (٢).

وقيل: إذا عزم على السفر قصر الصلاة، ولو كان في منزله، وبه قال الحارث بن أبي ربيعة، والأسود بن يزيد، وغير واحد من أصحاب عبد الله (٣).

وقال عطاء: «إذا خرج الرجل حاجًّا، فلم يخرج من بيوت القرية حتى حضرت الصلاة، فإن شاء قصر، وإن شاء أوفى، وما سمعت في ذلك بشيء» (٤).

وإنما قصره عطاء على خروج الحاج؛ لأنه لا يرى القصر إلا في سفر الطاعة: الجهاد أو النسك.

وقد بين عطاء أنه قال ذلك برأيه، وليس ذلك عن سنة أو أثر.

وقال سليمان بن موسى: «إذا خرج الرجل من بيته ذاهبًا لوجهه، فلم يخرج من القرية حتى حانت الصلاة فليقصرها، وكذلك إذا دخل القرية راجعًا من سفره، ثم حانت الصلاة فليقصرها حتى يدخل بيته» (٥).

وقال مجاهد: إذا خرج نهارًا فلا يقصر إلى الليل، وإن خرج ليلًا فلا يقصر إلى النهار (٦).

قال النووي: «فهذان المذهبان -يعني مذهب عطاء ومجاهد- فاسدان، فمذهب مجاهد منابذ للأحاديث الصحيحة في قصر النبي بذي الحليفة حين خرج من المدينة، ومذهب عطاء وموافقيه منابذ لاسم السفر» (٧).


(١) تحفة الفقهاء (١/ ١٤٨).
(٢) موطأ مالك (١/ ١٤٨)، وانظر: المدونة (١/ ٢٠٦).
(٣) الأوسط لابن المنذر (٤/ ٣٥٢).
(٤) رواه عبد الرزاق في المصنف، ط: التأصيل (٤٤٦١) عن ابن جريج، عن عطاء، وسنده صحيح.
(٥) رواه عبد الرزاق في المصنف (٤٤٦٢)، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، وسنده صحيح.
(٦) إكمال المعلم (٣/ ١٥)، المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم (٢/ ٣٣٢)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٨/ ٤٧٥)، البحر المحيط الثجاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (١٥/ ٨٣).
(٧) المجموع (٤/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>