قال البلقيني كما في تحرير الفتاوى لأبي زرعة:«متى أقام بعد فراغ الأولى فهي أداء، سواء شرع في الثانية أم لا، بل قال فيما إذا أقام قبل فراغ الأولى: ينبغي أنه إن فعل ركعة منها كانت أداء، وإن كان دون ركعة ففيه الخلاف المعروف»(١).
الراجح:
لا خلاف أن الرجل المسافر إذا أخر الأولى ليجمعها مع الثانية فانقطع السفر في وقت الصلاة الأولى بطل الجمع، ووجب عليه أن يصلي الصلاة الأولى في وقتها، ويؤخر الصلاة الثانية إلى حين دخول وقتها.
وإذا استمر السفر حتى دخل وقت الصلاة الثانية: فإن انقطع السفر قبل الشروع في الجمع، فإنه يجب عليه أن يصلي الصلاة الثانية بلا قصر؛ لارتفاع السفر، فوجوب الإتمام فهذا دليل على انقطاع الجمع لانقطاع علته.
وكونه يصلي الصلاة الأولى في وقت الثانية فلأنه لا سبيل له لتفادي ذلك، فتأخير الأولى كان بسبب مشروع وهو قيام السفر، وتحول وقت الصلاتين إلى وقت واحد.
ويبقى الاجتهاد: هل يصلي الأولى صلاة سفر، باعتبار أنها تفعل في غير وقتها، وقد كان الرجل في وقت الظهر مسافرًا.
أو يصليها أداء، باعتبار أن استمرار العذر إلى دخول وقت الثانية جعلها تابعة للثانية، والصلاة الثانية تصلى أداء، فكذلك التابع.
وعلى أقل الأحوال إذا ترددنا في وجود علة القصر، فالأصل الإتمام.
وإذا نوى الإقامة بعد الفراغ من الأولى صحت الأولى قصرًا، لأنه زمن فعلها كان مسافرًا. وصلى الثانية تامة؛ لانقطاع السفر.
وإذا نوى الإقامة في أثناء الثانية وجب عليه إتمامها، وصحت الصلاة الأولى، وبطل الجمع؛ لأن علة الجمع السفر، وهو ينافي الإقامة، بخلاف ما لو كانت علة الجمع المطر، فإن الجمع لا يبطل؛ لأن الجمع في هذه الحالة لا ينافي الإقامة والله أعلم.