للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن قدامة: «إن جمع بينهما في وقت الثانية اعتبر بقاء العذر إلى حين دخول وقتها، فإن … استمر -يعني: العذر- إلى حين دخول وقت الثانية جمع، وإن زال العذر؛ لأنهما صارتا واجبتين في ذمته، ولا بد له من فعلهما» (١).

ونوقش:

بأن المطالبة بفعلهما لا يختلف عليه، ولكن هل يعد ذلك في حق الصلاة الأولى من باب قضاء الفائتة؛ لأن علة الجمع السفر، وقد انقطع قبل الشروع في الجمع، أو يعد فعلها من باب الأداء؛ لأنه أخرها بعذر حتى دخل وقت الثانية؟

ظاهر مذهب الحنابلة أنها أداء؛ لقول ابن قدامة: «جمع، وإن زال العذر»، فعبر بالجمع، وهذا دليل على أن الصلاة أداء.

وظاهر كلام التنوخي في شرح المقنع أنها قضاء، لأنه شبهها بالفائتة.

قال التنوخي: «لأن الثانية واقعة في وقتها، فهي بكل حال أداء، والأولى معها كصلاة فائتة.

وقال بعض أصحابنا: لا يفرق بينهما؛ لأنه إذا فرق بينهما لم يكن مستعملًا للرخصة، والأُولى إنما تفعل وقت الثانية على وجه الرخصة» (٢).

القول الثاني: مذهب الشافعية:

إذا نوى الإقامة بعد دخول الوقت وقبل الشروع في الجمع كانت الأولى قضاء قولًا واحدًا في مذهب الشافعية؛ لأن علة الجمع السفر، وقد انقطع، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.

وإن نوى الإقامة بعد الشروع في الجمع، وقبل الفراغ، ولو في أثناء الثانية، فلهم فيها قولان:

أحدهما: تصير الأولى قضاء، نصَّ على ذلك الرافعي في فتح العزيز والنووي في الروضة والمنهاج، والبغوي في التهذيب والإسنوي في المهمات. قال الرملي


(١) المغني (٢/ ٢٠٧).
(٢) الممتع في شرح المقنع (١/ ٥١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>