للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

آخر الظهر في العذر بأول العصر، فهذا إنما يصح على القول باشتراط الموالاة بين الصلاتين المجموعتين، وأما على القول بأن الموالاة سنة، وهو الصحيح فليس بشرط، فإذا وجد المطر عند الشروع في الثانية محل جمع التقديم، ولو مع وجود فاطل طويل كفى؛ لأني قد بينت أن حقيقة الجمع: ضم أحد الوقتين إلى الثاني.

الدليل الثالث:

أن انقطاع المطر بعد الشروع في الثانية لا يؤثر؛ لأنه شرع فيها بإذن من الشارع، فإذا أذن له في الدخول فيها كان له إتمامها.

قال الشافعي: «إذا صلى إحداهما والسماء تمطر، ثم ابتدأ الأخرى، والسماء تمطر، ثم انقطع المطر مضى على صلاته؛ لأنه إذا كان له الدخول فيها كان له إتمامها» (١).

فإن قيل: قد قلتم إذا دخل في الثانية، ثم نوى المقام، أو دخل البلد الذي يريده، بطل الجمع، فلم لا تقولون مثله هاهنا؟

قيل: الفرق: هو أن نية الإقامة بإرادته واختياره، فإذا اختار ذلك لم يكن له الجمع. وانقطاع المطر لا يتعلق باختياره وإرادته، فإذا انقطع بعد دخوله في الصلاة لم يضره، ولأن المطر لا يؤمن عوده بخلاف السفر (٢).

وقيل: يشترط وجوده عند افتتاح الصلاتين، ولا يشترط عند سلام الأولى، وهذا وجه في مذهب الشافعية، وقول لبعض الحنابلة (٣).

لأن الأولى محل النية، والثانية موضع الجمع، ووجوده عند سلام الأولى لا تأثير له.

وقيل: يشترط وجود العذر في جميع الصلاة الأولى، اختاره صاحب التبصرة من الحنابلة (٤).

وهذا أضعف الأقوال.


(١) الأم (١/ ٩٥).
(٢) انظر: بحر المذهب للروياني (٢/ ٣٤٨).
(٣) روضة الطالبين (١/ ٤٠٠)، فتح العزيز (٤/ ٤٨٠)، بحر المذهب للروياني (٢/ ٣٤٩)، الإنصاف (٢/ ٣٤٤).
(٤) الإنصاف (٢/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>