للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أولى أن الفصل بينهما بالسنة الراتبة، وهو ما زال في مصلاه لا يبطل الجمع، ولا يتصور أن جميع الرواحل كانت بجوار المصلى؛ لأن عدد الحجيج كثير، فهي كانت منتشرة في فضاء مزدلفة، كل حاج رحله في المكان الذي اتخذه مبيتًا، فالذهاب إليه والعود منه فاصل طويل أجنبي، والناس متفاوتون في الحركة، منهم السريع ومنهم البطيء فاجتماعهم للصلاة مرة ثانية يأخذ وقتًا ليس باليسير.

الدليل الثاني:

أن الفاصل اليسير لا ينافي الموالاة، ومنه الفصل بالراتبة.

وإذا كان الفصل بينهما بالوضوء وبالإقامة لم يخلَّ بالموالاة، فكذلك السنة الراتبة، خاصة أنها من متعلقات الصلاة.

دليل من قال: التنفل بين الصلاتين يبطل الجمع:

الدليل الأول:

لم ينقل أن النبي تنفل بين الصلاتين المجموعتين، وما تركه النبي فالسنة تركه، وقياسًا على ما لو فصل بينهم بفائتة.

ويجاب:

كون السنة ترك التنفل بين الصلاتين لا يلزم منه إبطال الجمع لو صلى بينهما؛ لأن إفساد العبادة يحتاج إلى دليل صريح، ولا دليل، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فإن النبي قد ترك التنفل بعدهما، مع أنه لا خلاف في جواز ذلك، وفي هذا دليل على أن ترك التنفل بينهما لم يكن من أجل كونه منافيًا للجمع.

وإذا كان الصحيح أن النبي لم يجمع إلا في السفر لم تكن السنة الراتبة مشروعة للصلوات التي يدخلها الجمع، لسقوطها بسبب السفر، فلم يكن الترك من أجل وجوب الموالاة، فنحتاج إلى إثبات أن النبي جمع بين الصلاتين في الحضر، وترك الجمع بينهما مع قيام مشروعيتهما.

وأما ما رواه ابن عباس في الجمع في المدينة من غير خوف ولا سفر، وهو الحديث الوحيد الوارد في جمع الحضر، فهو على تقدير ثبوته لم يتعرض لفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>