للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الثاني: كونه لا يجوز له تأخير الصلاة حتى يضيق الوقت عن فعلها على أحد القولين، أو حتى يبقى من الوقت مقدار ركعة على القول الآخر، إلا بنية الجمع، هذا يجعله آثمًا بتأخير الصلاة بلا نية الجمع وهذا من أحكام التكليف.

ولكن الصحة والإبطال من أحكام الوضع، وقد يفترق الحكم التكليفي عن الوضعي، فإبطال نية تأخير الصلاة قبل دخول وقت العصر من قبيل الحكم الوضعي.

والسؤال: ما المانع من صحة نية التأخير ما دام أن العصر لم يدخل، وإن كان يستحق الإثم بالتأخير؟

لأن حقيقة الجمع ضم أحد الوقتين إلى الثاني ليكونا وقتًا واحدًا، والوقت الثاني لم يحكم بدخوله.

ولأن المكلف ليس بحاجة إلى أن يكون الوقت الأول يسع فعل الصلاة ما دام أن الصلاة لن تفعل في الوقت الأول؛ لأن الكلام على جمع التأخير، فالوقت الثاني لم يدخل بعد.

ولأنه لو كان تركه لنية التأخير عن ذهول منه صحت منه نية التأخير، ولو ضاق الوقت عن فعل الصلاة الأولى، ما دام أن الوقت الثاني لم يدخل، فكذلك هنا؛ لأن التفريق بين المعذور وغيره من جهة الإثم، لا من جهة الوضع، فلا فرق في الحكم الوضعي بين المعذور وغيره.

وأما القول: بأن الرخص لا تناط بالمعاصي.

فهذا قول مرجوح، والصواب أن الرخص تجوز مطلقًا للعاصي وغيره، وسبق بحث هذه المسألة في أول مسائل الجمع.

فما دام أن وقت الصلاة الثانية لم يدخل، والجمع يراد به التأخير، أي ضم وقت الصلاة الأولى إلى وقت الثانية، لا أرى مانعًا من صحة التأخير بنية الجمع، والذين كانوا مع النبي في الدفع من عرفة لم يكن أحد منهم يعلم متى يصلي المغرب، وربما تضايق وقت الأولى عن فعلها، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>