للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إذا صح القصر بلا نية صح الجمع بلا نية من باب أولى؛ لأن نية القصر تغير بنية الصلاة، فلو تأخرَتْ لتأدَّى بعض الصلاة على نية الإتمام، بخلاف نية الجمع فإنها نية متعلقة بالصلاتين معًا من جهة الوقت، وهو أمر خارج عن كنه الصلاة.

اشتراط الموالاة على القول به لا يستلزم نية الجمع بدليل أفعال الصلاة، فالموالاة بينها شرط، ولا تشترط نية خاصة للركوع والسجود، وقد تحصل الموالاة بلا نية الجمع.

[م-١٠٩٩] ليس الكلام في مطلق اشتراط النية للعبادة فإن الفقهاء لا يختلفون في اشتراطها للعبادة، فالصلاة لا تصح إلا بنية، وإنما الخلاف في نية الجمع، وهو قدر زائد على نية الصلاة، واختلفوا أيضًا في محلها: أتشترط نية الجمع في بداية الثانية؛ لأن الأولى وقعت في وقتها، أم لا بد أن تكون نية الجمع معقودة في بداية الأولى باعتبار أن الصلاتين صارا في حكم الصلاة الواحدة، أم تشترط نية الجمع قبل الفراغ من الأولى، وإن عرى أول الصلاة من نية الجمع؟

في ذلك خلاف بين فقهائنا عليهم رحمة الله:

فقيل: تجب نية الجمع عند إحرام الأولى، وهو المشهور من مذهب المالكية، وقول في مذهب الشافعية، والصحيح من مذهب الحنابلة (١).


(١) فرق المالكية في المشهور بين مسألتين:
الأولى: إنْ حَدَث سبب الجمع بعد الفراغ من الأولى لم يجمعوا، عزاه في النوادر: لابن القاسم.
والمسألة الثانية: إن صلى المغرب في بيته، ثم أتى المسجد فوجدهم في العشاء ليلة الجمع فله الدخول معهم، اكتفاء بنية الإمام، وإن وجدهم قد فرغوا من الجمع، فلا يصلي العشاء إلا بعد مغيب الشفق، إلا أن يكون في مسجد مكة والمدينة، فيصليها بعد الجماعة، وقبل مغيب الشفق؛ لأن الصلاة فيهما أفضل من الجماعة.
فمقتضى التعليل: أن المانع لا يعود إلى اشتراط نية الجمع، بل تقديم فضل الجماعة، فإذا فات فضل الجماعة لم يجمع دركًا لفضيلة الوقت إلا أن يكون في الحرمين فيجمع إذا كان سيغادر الحرم دركًا لفضيلة الصلاة فيهما، وألحق خليل المسجد الأقصى بالحرمين، وما نقله الباجي، وابن يونس، عن مالك لم يذكروا فيه بيت المقدس، والله أعلم.
انظر: شرح زورق على الرسالة (١/ ٣٢٤)، جامع الأمهات (ص: ١٢١)، القوانين الفقهية (ص: ٥٧)، تحبير المختصر (١/ ٤٨٥)، شرح الخرشي (٢/ ٧١)، التاج والإكليل
(٢/ ٥١٧)، الشامل في فقه الإمام مالك (١/ ١٣٢)، المجموع (٤/ ٣٧٤).
وقال المرداوي في الإنصاف (٢/ ٣٤١): «الصحيح من المذهب: أنه يشترط أن يأتي بالنية عند إحرام الصلاة الأولى، وعليه أكثر الأصحاب».
وانظر: المقنع (ص: ٦٥)، شرح الزركشي (٢/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>