للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لكانت أسباب الجمع ليست محصورة؛ لأن الحاجات تتجدد، ولا يمكن حصرها.

القول الثاني:

قال المالكية: يجمع للوحل بشرطين: أن تكون معه ظلمة، قال الدردير: لا ظلمة غيم، وأن يكون ذلك في جمع التقديم (١).

وجه اشتراط الظلمة:

علمنا فيما سبق أن المالكية لا يرون الجمع بين الظهرين للمطر؛ لأنه لم يثبت في الجمع بين الظهرين سنة ولا أثر، وإنما ثبت عن ابن عمر في الليلة المطيرة إذا جمع الأمراء، وصلى خلفهم ابن عمر جمع معهم، لهذا خصوا الجمع بين العشاءين في المطر؛ اقتداء بالأثر؛ ولأن المطر لا يشترط فيه الظلمة؛ لأنه يصيب الثياب، بخلاف الجمع في الطين، في الليلة المقمرة؛ فإن ضياء القمر يقوم مقام ضياء الشمس، فلا يشق التصرف في الطين إلا كما لا يشق التصرف فيه بالنهار. والجمع معتبر بالمشقة.

القول الثالث:

قال الحنابلة: يجمع بين العشاءين فقط للوحل ولو بلا ظلمة، ولا يجمع بين الظهرين، وهذا مذهب الحنابلة، وقول في مذهب المالكية (٢).


(١) النوادر والزيادات (١/ ٢٦٧)، المعونة (١/ ٢٦١)، الإشراف على نكت مسائل الخلاف (١/ ٣١٦)، التبصرة للخمي (٢/ ٤٤٤)، شرح التلقين (٢/ ٨٤١).
وضابط الوحل الذي يبيح الجمع: هو الوحل الكثير الذي يحمل أواسط الناس على ترك المداس بكسر الميم. انظر: حاشية العدوي على كفاية الطالب (١/ ٣٦٩).
وقال الخرشي (٢/ ٩٠): «شدة الوحل: وهو الطين الرقيق. وبعبارة أخرى: وهو الذي يحمل الناس على ترك المداس».
وقال الدسوقي في حاشيته (١/ ٣٧٠): «إنما لم تعتبر - يعني ظلمة الغيم- لأنها تزول، وقد لا تشتد».
(٢) البيان والتحصيل (١/ ٣٠٦)، شرح التلقين (٢/ ٨٤١)، النوادر والزيادات (١/ ٢٦٧)، التعليقة الكبيرة (١/ ٦٦)، الهداية لأبي الخطاب (ص: ١٠٥)، المقنع (ص: ٦٥)، الفروع (٣/ ١٠٦)، المبدع (٢/ ١٢٦)، التنقيح المشبع (ص: ١١١)، الإنصاف (٢/ ٣٠٢)، الإقناع (١/ ١٨٤)، معونة أولي النهى (٢/ ٤٠٧)، دقائق أولي النهى (١/ ٢٩٩).
وضابط الوحل المبيح للجمع: وجود المشقة في الجملة، لا لكل فرد من المصلين، ولأن الوحل يساوي المطر في مشقته وإسقاطه للجمعة والجماعة، فهو كالمطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>