للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وليس من الفعل المرفوع، وفهم ابن عباس فهم غير معصوم.

الوجه الرابع:

نفي الحرج يعني نفي الإثم عن الفعل، ولا يلزم من نفي الإثم قصد التعليل فلو كانت جملة (أراد ألا يحرج أمته) تفيد التعليل، لوجدت التطبيقات العملية في جمع النبي في الحضر، وفي عمل الصحابة ما يؤيد ذلك، فلا وجود لحديث مرفوع في الجمع في الحضر إلا هذا الحديث، ولا يعرف أثر صحيح إلا عن ابن عمر في جمع المطر، إذا جمع أمراء بني أمية تابعهم ابن عمر على الجمع، فلا حديث ولا أثر في جمع المريض.

ولأن أحكام الشريعة كلها قد نفى الله عنها الحرج، ولا يلزم منه قصد التعليل، قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨]، والجمع فرد من أفراد العموم.

وقد استخدم النبي نفي الحرج على الفعل دليلًا على نفي الإثم وليس تعليلًا للحكم،

(ح-٣٤١٨) لما رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر، وفيه: … قال: ما سئل النبي عن شيء قدم ولا أخر -يعني: من أعمال يوم النحر- إلا قال: افعل ولا حرج (١)

الوجه الخامس: مما يؤكد أن ابن عباس أراد من نفي الحرج الجوازَ والتوسعةَ، وليس التعليل، كونه رغب في الجمع من أجل إكمال الخُطبة.

والموقوف على ابن عباس ينازع فيه في أمرين:

الأمر الأول: قول ابن عباس (أراد ألا يحرج أمته) هذا فهم من ابن عباس لا يوافق عليه، سواء أراد به جواز الجمع بلا سبب، أم أراد به توسيع أسباب الجمع لمطلق الحاجة.

الأمر الثاني: أن ابن عباس جمع لإكمال الخطبة، ولا يعلم أن أحدًا من الصحابة، ولا من الفقهاء ذكر من أسباب الجمع إكمالَ الخطبة.

وإطباق الرواة على عدم نقل موضوع خطبة ابن عباس يدل على أنها موعظة


(١) رواه البخاري (٨٣)، ومسلم (٣٢٧ - ١٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>