للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أنه احتج للجمع في المطر بإجماع أهل المدينة، ولو كان يراه إجماعًا لاحتج به؛ لأنه من أصوله، وإنما احتج فقط بفعل ابن عمر ، والله أعلم.

وإذا كان عمل بعض أهل المدينة زمن التابعين الجمع بين العشاءين، فإن عمل سائر بلاد المسلمين زمن التابعين عدم الجمع.

فهذه بلاد الشام، يتكلم عنهم الأوزاعي إمام أهل الشام في زمانه، والليث بن سعد المصري، وهما من طبقة الإمام مالك ينكران أن يكون أحد يجمع للمطر عدا أهل المدينة، وهذا خبر، وليس اجتهادًا.

جاء في الأوسط لابن المنذر: «قال الوليد بن مسلم: سألت الأوزاعي عمن جمع بين الصلاتين المغرب والعشاء في الليلة المطيرة، فقال: أهل المدينة يجمعون بينهما، ولم يزل من قبلنا يصلون كل صلاة في وقتها، قال: وسألت الليث بن سعد وسعيد بن عبد العزيز فقالا مثل ذلك» (١).

فهذا الليث يقول: لم يزل من قبلنا يصلون كل صلاة في وقتها، ومن قبلهم هم التابعون والصحابة رضوان الله عليهم.

وقال الأوزاعي:: يجتنب من قول أهل العراق: ..... وذكر أشياء، ومن قول أهل الحجاز: استماع الملاهي، والجمع بين الصلاتين من غير عذر … » (٢).

ووافق الليث بن سعد الإمام الأوزاعي على قوله، بل جاء عن الليث ما هو أصرح من كلام الأوزاعي.

قال الليث بن سعد في رسالته للإمام مالك: «مطر الشام أكثر من مطر المدينة بما لا يعلمه إلا الله ﷿، لم يجمع إمام منهم قط في ليلة المطر، وفيهم خالد بن الوليد، وأبو عبيدة بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، ومعاذ بن جبل .... وشرحبيل بن حسنة وأبو الدرداء وبلال بن رباح … وبحمص سبعون من أهل بدر وبأجناد المسلمين كلها» (٣).


(١) الأوسط (٢/ ٤٣٠).
(٢) فتح الباري (٤/ ٢٧٢).
(٣) تاريخ ابن معين، رواية الدوري (٤/ ٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>