للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويناقش:

عندنا من الصحابة أثر ابن عمر، ومن التابعين تأسي جماعة من الفقهاء السبعة بفعله، والأهم في الاستدلال هو فعل ابن عمر؛ لأنه فعل صحابي، وأما أفعال بعض التابعين فهي مما يستأنس بها، ولكنها ليست أدلة شرعية، فإذا عارضها مثلها كان النظر لحجة القائل، وليس لمجرد حكاية قوله. وسوف أَفْصُل مناقشة أثر ابن عمر، عن مناقشة آثار بعض التابعين من أهل المدينة.

أما الجواب عن أثر ابن عمر، فمنه:

أولًا: ما رود عن ابن عمر حكاية فعل، والفعل يقول أهل الأصول: لا عموم له، ولا يحفظ أثر قولي عن ابن عمر باستحباب الجمع للمطر في العشاءين.

ثانيًا: لم يحفظ أثر عن ابن عمر أنه كان يجمع إذا لم يصلِّ خلف الأمراء. وموافقة الأمراء وحرص السلف على عدم مخالفتهم أمر معلوم، وقد يترك الرجل رأيه تبعًا للأمير.

ثالثًا: إذا كان ابن عمر يدع الجمع في السفر مع ظهور السنة فيه، فما بالك برأيه في الجمع في الحضر.

(ح-٣٤٠٩) فقد روى عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني نافع، قال:

جمع ابن عمر بين الصلاتين مرة واحدة، قال: جاءه خبر عن صفية ابنة أبي عبيد أنها وجعة، فارتحل بعد أن صلى العصر، ثم أسرع السير، فسار حتى حانت صلاة المغرب، فكلمه رجل من أصحابه، فقال: الصلاةَ، فلم يرجع إليه، ثم كلمه آخر فلم يرجع إليه، وكلمه آخر فلم يرجع إليه شيئًا، ثم كلمه آخر، فقال: إني رأيت رسول الله إذا استعجل أخر هذه الصلاة حتى يجمع بين هاتين الصلاتين (١).

وهذا من أصح الأسانيد، عبد الرزاق راوية ابن جريج، وابن جريج من أثبت أصحاب نافع] (٢).


(١) عبد الرزاق، ط: التأصيل (٤٥٣٣).
(٢) ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد في المسند (٢/ ١٥٠)، وأبو العباس السراج في حديثه، انتخاب الشحامي (٢٠٩٨).
قال يحيى بن سعيد القطان: ابن جريج أثبت من مالك في نافع. انظر: التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (٢٥٢٥)، وجعله النسائي في الطبقة الثانية من أصحاب نافع. طبقات النسائي (ص: ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>