للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

النزاع، وقامت الحجة على المخالف، ولكن أين النص أن النبي جمع للمطر؟

وقولهم: (ولو لم ينقل أنه جمع بها فجمعه بما هو دونها دليل على الجمع بها بطريق الأولى، فيدل ذلك على الجمع للخوف والمطر).

فالجواب: لا يلزم من كون النبي جمع لعذر أقلَّ من الخوف والسفر، أن يكون ذلك إيماء بجواز الجمع للمطر؛ لأن المطر يتكرر حدوثه مرات في العام الواحد، فلماذا لم يجمع، وإذا كان قد جمع فلماذا لم ينقل؟

وإذا لم ينقل عن النبي جمعه للمطر لم نكن بحاجة إلى الاستدلال على أن جمعه من غير خوف، ولا سفر إيماء بجواز جمعه للمطر، إلا لو كان المطر صادف أنه احتبس عن النزول في جميع عصر التشريع؛ أما إذا كان ينزل، ويتكرر نزوله، حتى حصل منه أحيانًا ما أهلك المواشي وهدَّم البيوت وقطع السبل، ومع ذلك لم ينقل الجمع، ولو مرة واحدة، فالقاعدة تقول: كل ما وجد سببه في عصر النبي ، وأمكن فعله، ولم يفعله فالسنة تركه.

ألا يشعرك هذا النوع من الاستدلال على إعوازٍ في النصوص المرفوعة الدالة على جواز الجمع في المطر؟.

ولم ينقل لنا ابن عباس في جميع طرق الحديث سبب جمع النبي في الحضر حتى يمكن الجزم بأن جمع المطر مثله، أو أعلى منه أو أقل.

وبهذا أكون قد انتهيت من مناقشة الوجه الثاني من وجوه الاستدلال بحديث ابن عباس على جمع المطر، والله أعلم.

الدليل الثاني من أدلة الجمع للمطر:

(ث-٨٧١) ما رواه مالك في الموطأ، عن نافع،

أن عبد الله بن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر، جمع معهم (١).

[إسناده في غاية الصحة] (٢).


(١) الموطأ (١/ ١٤٥).
(٢) ورواه مالك برواية أبي مصعب الزهري (٣٦٩).
ومن طريق مالك رواه عبد الرزاق في المصنف، ت: التأصيل (٤٥٧١)، والبيهقي في السنن
الكبرى (٣/ ٢٣٩)، وفي معرفة السنن (٤/ ٢٩٩)، وفي الخلافيات (٢٧٣٢).
ورواه رجاء بن حيوة كما في مصنف عبد الرزاق (٤٥٧٢)،
ومحمد بن عجلان كما في الأوسط لابن المنذر (٢/ ٤٣٠)،
وأيوب من رواية معمر عنه كما في مصنف عبد الرزاق (٤٥٧٤)، ثلاثتهم عن نافع به.

<<  <  ج: ص:  >  >>