للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الخطبة والعودة إليها بعد الصلاة، فإذا جاز الجمع لمصلحة إكمال الخطبة، لأن المتكلم قد يصيبه حرج في ربط كلامه السابق بكلامه اللاحق، فالمطر أذى بنص القرآن، وقد جعل قسيمًا للمرض.

قال تعالى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ و فِي [النساء: ١٠٢].

الوجه الثالث: دلالة حديث ابن عباس على جواز الجمع للمطر من باب أولى.

فحديث ابن عباس صريح أن الجمع كان في الحضر، والحديث في الصحيحين. والجدل إنما هو في سبب الجمع.

فمنهم من حمل حديث ابن عباس على جواز الجمع بلا سبب. وهؤلاء اختلفوا في الموقف من حديث ابن عباس.

فمنهم من ترك العمل به، وإن كان صحيحًا؛ لمعارض أقوى منه.

قال ابن رجب: «عارضه الإمام أحمد بأحاديث المواقيت» (١).

ومنهم من جوز الجمع بلا سبب، بشرط ألا يتخذ عادة، وهؤلاء نفر قليل خلاف ما عليه الأئمة الأربعة، وسيأتي بحث الجمع بلا سبب.

ومنهم من قال: سبب الجمع حرج ما دفعهم للجمع، إلا أن ابن عباس لم يسمِّ الحرج الذي وقع للنبي وأصحابه حتى جمعوا في الحضر.

وفي الحالين: إن كان الجمع بلا سبب، فالجمع للمطر جائز من باب أولى.

وإن كان الجمع بسبب حرج (ما)، فالمشقة التي تلحق المصلي بسبب المطر يدل على جواز الجمع.

يقول ابن تيمية: «وبهذا استدل أحمد على الجمع لهذه الأمور بطريق الأولى، فإن هذا الكلام يدل على أن الجمع لهذه الأمور أولى، وهذا من باب التنبيه بالفعل، فإنه إذا جمع ليدفع الحرج الحاصل بدون الخوف والمطر والسفر، فالحرج الحاصل بهذه أولى من الجمع لغيرها» (٢).


(١) فتح الباري (٤/ ٢٦٥)، وسيأتي نقل نص الإمام أحمد من رواية أبي الفضل.
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٤/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>