فتبين أن رواية الثوري عن الأعمش ليست معروفة، وقد ثبت الحديث عن الأعمش برواية أبي معاوية ووكيع وعثام والفضل بن موسى. وبقي البحث، ما هو الراجح من رواية سعيد بن جبير: أهي رواية أبي الزبير المكي (من غير خوف ولا سفر) أم الراجح رواية حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير: (من غير خوف ولا مطر)؟. اختلف العلماء في الترجيح: فرجح البزار وابن خزيمة والبيهقي وابن عبد البر رواية (من غير سفر). ورجح ابن تيمية رواية (من غير خوف ولا مطر). وقد ذكرت وجوه الترجيح لكل قول في متن الكتاب؛ لأن أكثر القراء يقرأ صلب الكتاب، ولا يقرأ التخريج، إما لأنه ليس من أهل الحديث، أو يكتفي بقراءة الحكم المختصر. الطريق الثاني: جابر بن يزيد، عن ابن عباس. رواه البخاري (١١٧٤)، ومسلم (٥٥ - ٧٠٥) من طريق سفيان، عن عمرو، قال: سمعت أبا الشعثاء جابرًا قال: سمعت ابن عباس ﵄ قال: صليت مع رسول الله ﷺ ثمانيًا جميعًا، وسبعًا جميعًا. قلت: يا أبا الشعثاء، أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وعجل العشاء وأخر المغرب؟ قال: وأنا أظنه. وسفيان بن عيينة أثبت أصحاب عمرو بن دينار. ورواه البخاري (٥٤٣) حدثنا أبو النعمان قال: حدثنا حماد هو ابن زيد، عن عمرو بن دينار به، بلفظ: أن النبي ﷺ صلى بالمدينة سبعًا وثمانيًا: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة؟ قال: عسى. قال الحافظ في الفتح (٢/ ٢٣): «فقال أيوب: هو السختياني، والمقول له هو: أبو الشعثاء، قوله: عسى. أي أن يكون كما قلت». ولم أقف على رواية أيوب لهذا الحديث فيما وقفت عليه من طرق الحديث، بل لم أقف في الأمهات على حديث يرويه أيوب عن جابر بن زيد، لا هذا الحديث، ولا غيره، وإنما روى عبد الرزاق وابن أبي شيبة، عن أيوب عن جابر بن زيد أثرًا مقطوعًا عليه، قال: طلاق العبد في يد سيده. وفي عبد الرزاق أثر آخر مقطوع على جابر بن زيد: أربع لا يجزن. وفي سنن الدارمي أثر ثالث مقطوع عليه في عدة المتوفى عنها، أهي من وفاتها، أم من يوم يأتيها الخبر. هذا كل ما رأيته لأيوب عن جابر بن زيد، ليس فيها حديث مرفوع، وأيوب له رواية عن عمرو بن دينار، فإذا كان قد سمعه من جابر بن زيد فلماذا لم يروه، والله أعلم. واختلف على حماد في ذكر ما قاله أيوب. =