أصحهما: وهو المنصوص عليه في الجديد والقديم، لا يجمع؛ لأنه سفر لا يجوز فيه القصر، فلم يجز فيه الجمع كسفر المعصية. والثاني: وهو تخريج بعض أصحابنا في القديم: يجوز له الجمع في قصير السفر كجوازه في طويله. وكثير من أصحابنا يمنع من تخريج هذا القول». وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٤/ ٢٦): «كون الجمع يختص بالطويل فيه قولان للعلماء، وهما وجهان في مذهب أحمد: أحدهما: يجمع في القصير، وهو المشهور، ومذهب الشافعي: لا. والأول أصح». ونص ابن تيمية على أنه وجه في مذهب أحمد، وذلك يعني: أنه لا نص عن أحمد في الجمع في السفر القصير. وهو ظاهر نص ابن مفلح. قال ابن مفلح في الفروع (٣/ ١٠٤): «ويجوز بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في سفر القصر خلافًا لأبي حنيفة. وقيل: والقصير وفاقًا لمالك». فجزم بالقول بأنه لا يجمع إلا في السفر الطويل، وحكى الجمع في السفر القصير بقوله: (وقيل: والقصير). بصيغة التمريض، ولم يحكه عن نص أحمد. فكيف يصح قول ابن تيمية: يجمع في القصير، وهو المشهور. الظاهر أن ابن تيمية أخذه من نص أحمد في الجمع في عرفة ومزدلفة، فقد قال ابن مفلح في الفروع (٣/ ١٥٥): «والأشهر عن أحمد الجمع فقط، اختاره الشيخ». يعني ابن قدامة. فهل كان الجمع في مزدلفة مخرجًا على الجمع في السفر القصير، أم مخرجًا على الجمع للحاجة تبعًا للمسافرين من الحجاج، الأقرب عندي الثاني. ولعل ابن تيمية حمله على الجمع في السفر القصير؛ قياسًا على جمع المكي في عرفة ومزدلفة، حيث يرى علته السفر القصير، بينما الإمام أحمد لا يرى الجمع فيهما للمكي فضلًا أن يراه للعرفي في عرفة، والمزدلفي بمزدلفة، وهو مذهب الشافعية. والله أعلم (١) الإشراف على نكت مسائل الخلاف (١/ ٣١٥). (٢) التعليقة للقاضي حسين (٢/ ١١٢١)، المهذب (١/ ١٩٧)، الحاوي الكبير (٢/ ٣٩٢)، المجموع (٤/ ٣٧٠)، فتح العزيز (٤/ ٤٧٣)، روضة الطالبين (٣/ ٩٣)، أسنى المطالب (١/ ٤٨٦)، تحفة المحتاج (٤/ ١٠٦)، مغني المحتاج (١/ ٥٢٩)، التعليقة الكبرى =