للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوجه الثاني:

الاستثناء معيار العموم، ولم يستثن ابن مسعود إلا صلاتين: الجمع في مزدلفة، وصلاة الصبح بها. وما عدا ذلك فهو على المنع.

ومقتضاه: نفي الجمع في عرفة، فلو كان الحصر من ابن مسعود صحيحًا لم يصح جمع عرفة.

وفي الأثر الذي رواه محمد بن الحسن نفى الجمع عن شيء من الصلوات إلا في عرفة، ومقتضاه نفي الجمع في مزدلفة، وكلا الأثرين قاصر في إفادة النفي.

فإن قالوا: هذه دلالة مفهوم، ونحن لا نقول به.

قيل: منع الجمع في غير عرفة ومزدلفة من دلالة المفهوم، فكيف قلتم به؟

والصحيح أن دلالة المفهوم صحيحة إذا لم تقم قرينة على أن المفهوم غير مراد، فكيف إذا تأكد المفهوم بموافقته منطوقَ أحاديثَ كثيرةً في جمع النبي في غير عرفة ومزدلفة، جاء ذلك من حديث ابن عمر وابن عباس وأنس وغيرهم.

الوجه الثالث:

ظاهر كلام ابن مسعود أن صلاة الفجر صليت قبل وقتها، ولم يقل أحد بظاهره في إيقاع الفجر قبل ميقاتها. وقد فسره العلماء بأن المراد أنه بالغ في التعجيل، فلم يكن النص عن ابن مسعود صادرًا من المعصوم، ولذلك الحصر فيه غير صحيح لثبوت الجمع في عرفة، وظاهره في وقت صلاة الصبح غير مراد، فلم يبق من دلالته ما يمكن الاحتجاج به.

الوجه الرابع:

من جمع بين الصلاتين لا يقال: إنه صلى إحدى الصلاتين في غير وقتها؛ لأن الجمع يجعل الوقت للصلاتين وقتًا واحدًا، بدليل أنهما تعدان أداءً، لا قضاءً.

الوجه الخامس:

ابن مسعود مع ثناء النبي عليه وعلى قراءته للقرآن، فهو بشر، وكثرة صلاته مع النبي لا تعصمه من السهو، فقد كان يطبق يديه إذا ركع، وقد كان ذلك في أول الإسلام ثم نسخ، ونسي ابن مسعود الناسخ. وكانت السنة في الجماعة إذا كانوا ثلاثة

<<  <  ج: ص:  >  >>