للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الجواب الثاني:

كيف جاز لكم تخصيص أحاديث المواقيت بأحاديث الجمع في عرفة ومزدلفة، ومنعتم تخصيصها بأحاديث الجمع في السفر والحضر، وهي أحاديث صحيحة، فهذا تحكم، فإذا جاز تخصيصها بأحاديث الجمع في عرفة ومزدلفة، وهي ليست مقارنة لأحاديث المواقيت، صح تخصيصها بغيرهما، ولا تعارض، وكما أن القصر في السفر لا يعارض الإتمام في الحضر، فكذلك الجمع إذا انعقد سببه لا يعارض أحاديث المواقيت، ودعوى أن التخصيص إذا تأخر كان نسخًا لا دليل عليه، ولو سلمنا: فهو نسخ جزئي لبعض أفراد العام، وليس رفعًا لجميع أفراد العام، والله أعلم.

الجواب الثالث:

التفريق بين خبر الآحاد وغيره تفريق لا دليل عليه، وقد تحول الصحابة، وهم في الصلاة حين بلغهم أن القبلة حولت، ولم يترددوا في قبول ذلك بحجة أنه من أخبار الآحاد. وما صح عن رسول فالعمل به واجب، وما ينطق عن الهوى.

وإذا جاز تخصيص الكتاب بالسنة في أصح أقوال أهل العلم، جاز تخصيص المتواتر بخبر الآحاد.

فقد خُصَّ عموم قوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] بقوله : بحديث جابر: نهى رسول الله أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها. رواه البخاري من حديث جابر (١)، ورواه الشيخان من حديث أبي هريرة (٢).

وخُصَّ عموم قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: ١١]، بحديث أسامة بن زيد: (لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم). رواه البخاري (٣).

قال ابن قدامة: «لا نتركها -يعني: الأحاديث المتواترة- وإنما نخصصها،


(١) صحيح البخاري (٥١٠٨).
(٢) صحيح البخاري (٥١١٠)، وصحيح مسلم (٣٧ - ١٤٠٨).
(٣) صحيح البخاري (٦٧٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>