للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بعرفة: الظهر والعصر، في أول وقت الظهر، والمغرب والعشاء بالمزدلفة، في وقت العشاء. وذلك سفر مجتمع عليه، وعلى ما ذكرنا فيه، فكل ما اختلف فيه من مثله، فمردود إليه» (١).

واختلفوا إذا فاته الجمع بعرفة مع الإمام، أيجمع في رحله؟

فقيل: لا يجمع، بل يصلي كل صلاة لوقتها، وبه قال أبو حنيفة، والثوري، والنخعي، والحسن بن حَيٍّ (٢).

وقال الجمهور: له أن يجمع في رحله، وبه قال محمد بن الحسن وأبو يوسف (٣).

قال الإمام البخاري في صحيحه معلقًا بصيغة الجزم: «وكان ابن عمر إذا فاتته الصلاة مع الإمام جمع بينهما» (٤).

وقد يكون هذا الخلاف أثرًا عن الخلاف في حقيقة الجمع، أهو لعلة النسك، أم لعلة السفر؟

والحكمة من مشروعية الجمع داعي الحاجة، والتي لو ترك الجمع مع قيامها لوقع صاحبها في حرج، أو فوَّت عليه مصالح مقصوده. قال ابن عباس: أراد ألا يحرج أمته، رواه مسلم، وسيأتي تخريجه والكلام عليه.

فالجمع في عرفة: لحاجة التفرغ للدعاء واستغلال اجتماع الناس قبل تفرقهم في الموقف.

وجمع التأخير في مزدلفة: الحاجة إلى تحقيق سنة الدفع مع الغروب ومواصلة السير إلى مزدلفة للوصول إليها مبكرًا، وطلب الراحة استعدادًا لأعمال يوم الحج الأكبر، من طواف، وسعي، ورمي، ونحر، وحلق.

وأبيح الجمع في السفر لمظنة الحاجة إليه، فأقيمت المظنة مقام الحقيقة، كالنوم مظنة الحدث، والله أعلم.


(١) التمهيد، ت: بشار (٨/ ٥٠).
(٢) اختلاف العلماء للطحاوي، اختصار الجصاص (١/ ٣٢٦).
(٣) الإشراف لابن المنذر (٣/ ٣١١)، الحاوي الكبير (٤/ ١٧٠)، المغني (٣/ ٣٦٦).
(٤) صحيح البخاري، ط: السلطانية (٢/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>