للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأجيب بجوابين:

الجواب الأول:

هذا يمكن التسليم به في حق الصبيان، ولكنه مشكل في ترتيب البالغين وظاهر الحديث أنه لا يختص بالغلمان، بل يرتب حتى البالغ منهم، فإذا كان البالغ دون أولي الأحلام والنهى؛ فإنه يدع مكانه لمن هو أفضل منه؛ لقوله في الحديث: (ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) فجعل المصلين على درجات فيكون الأقرب إلى الإمام الأفضل فالأفضل. وإذا كان البالغ مأمورًا أن يبادر؛ ليأخذ المكان الأفضل فكيف نأمره بأن يدع مكانه لمن هو أفضل منه، فتعين أن يكون المراد من الحديث: حث أولي الأحلام والنهى إلى المبادرة لأخذ المكان الفاضل.

ورد هذا:

اختلف العلماء في تفسير قوله: (أولو الأحلام والنهى)،

فقيل: الحالم: هو البالغ؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ مَا.

ولحديث: أمر النبي معاذًا أن يأخذ من كل حالم دينارًا (١).

وقيل: الأحلام واحدها حِلْمٌ، بِالْكَسْرِ، وكأنه من الحِلْم: الأَناة والتثبُّت فِي الأُمور، وحليم: صيغة مبالغة.

والنهى: جمع مفرده نُهْيَة، بالضَّم، وهى: العقل؛ لأنه ينهى صاحبه عن القبيح، فيكون ترتيب الصف كالآتي: البالغ العاقل ثم الذين يلونهم ممن ناهز الاحتلام، ثم


(١) رواه عبد الرزاق، ط: التأصيل (٧٠٥٣) وأحمد (٥/ ٢٣٠) وأبو داود (١٥٧٨) والترمذي (٦٢٣) والبزار في مسنده البحر الزخار (٢٦٥٤) والنسائي في المجتبى (٢٤٥٠)، وابن الجارود (١١٨٣) وابن خزيمة (٢٢٦٨)، والشاشي في مسنده (١٣٤٨)، وابن حبان في صحيحه (٤٨٨٦)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (٥٧٨) والطبراني في الكبير (٢٠/ ١٢٨) ح ٢٦٠، ٢٦١، ٢٦٢، ٢٦٣، ٢٦٥، والدارقطني (١٩٣٥، ١٩٣٧)، والحاكم في المستدرك (١٤٤٩)، والبيهقي (٤/ ١٦٥)، وغيرهم، وقد روي موصولًا ومرسلًا، ورجح الترمذي في السنن (٣/ ١١) إرساله.
وسوف أتعرض لدراسة الحديث في كتاب الزكاة إن شاء الله تعالى، وإنما جاء ذكر هذا الحديث في معرض تفسير لغوي، فلا يحسن أن أطيل بالتخريج.

<<  <  ج: ص:  >  >>