للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وجه الاستدلال:

ذكر الحديث فضل الدنو من الإمام في الجمعة، وذلك من أجل سماع الذكر، والقرآن أعلى الذكر وأشرفه، فالدنو من الإمام بالصلاة أسمع لقراءة الإمام، وأمكن لرؤية أفعاله للاقتداء به من الأبعد.

(ح-٣٣٤٥) ومنها: ما رواه أحمد من طريق ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي الأشعث الصنعاني،

عن أوس بن أوس الثقفي، قال: سمعت رسول الله يقول: من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ومشى، ولم يركب، فدنا من الإمام فاستمع، ولم يَلْغُ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها.

[حسنه الترمذي في السنن إشارة إلى ضعفه] (١).


(١) سبق تخريجه، انظر (ح ١٠٣٥) من المجلد السابع.
خالف حديث أوس هذا حديث سلمان، وحديث أبي هريرة، والأول في البخاري، والآخر في مسلم.
فقد روى البخاري من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، قال: أخبرني أبي، عن ابن وديعة، عن سلمان الفارسي، قال: قال النبي : لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج، فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى.
فكل العبادات المقصودة للجمعة جاء في هذا الحديث، منها: الغسل، والطيب، والخروج للجمعة، والإنصات، وعدم أذية المصلين، وكان الثواب تكفير ما بين الجمعتين، فحديث أوس لم يزد عليه إلا في كونه مشى، ولم يركب، والتبكير.
وروى مسلم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح،
عن أبي هريرة قال رسول الله : من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا.
ورواه مسلم من طريق سهيل، عن أبيه،
عن أبي هريرة، عن النبي ، قال: من اغتسل، ثم أتى الجمعة، فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام.
فهذا الفضل قريب، وأما حديث أوس بن أوس فهو فضل مبالغ فيه لعمل يسير، فإذا كان شهود الجمعة نفسها، وهي المقصودة يكفر من الجمعة إلى التي تليها، فإذا اغتسل وأنصت، ولم يفرق بين اثنين زاد فضل ثلاثة أيام، فما الذي زاده العامل في حديث أوس حتى يكون له بكل خطوة عمل سنة بصيامها وقيامها، وكل ما زاده على ذلك ليس من الواجبات، وإنما هو من السنن، وليس بمقصود، وإنما هو من باب الوسائل كالذهاب ماشيًا إلى الجمعة، وحديث سلمان وأبي هريرة في الصحيح، وحديث أوس خارج الصحيح، وهو من وسائل الترجيح، وكنت قد ترددت في تضعيف الحديث طلبًا لإمام معتبر يضعفه؛ لأني لا أحب معارضة الحديث بمجرد النظر ما دام الإسناد ظاهره الصحة، ثم وجدت الإمام الترمذي قد حكم عليه بالحسن، فقال في سننه: حديث أوس بن أوس حديث حسن، وهذا ذهاب منه إلى تضعيف الحديث، فإن الحسن عند الترمذي هو كل حديث ليس في إسناده متهم (يعني أنه ليس شديد الضعف) ولا يكون شاذًّا، ويروى من غير وجه، وهذا يصدق على الحديث الضعيف إذا روي من أكثر من وجه، فلا يمكن حديث هذا حكم الترمذي فيه، وهو غريب الإسناد، غريب المتن لا يعرف هذا الفضل إلا من هذا الوجه، وينفرد بهذا الفضل المخالف لأحاديث الصحيحين، ويكون مقبولًا، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>