وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾ [المائدة: ٥].
فالعمل يحبط بالردة، ويجعل المرتد في حكم الكافر الأصلي، فإذا أسلم فإن الإسلام يَجُبُّ ما قبله، هذا في باب قضاء ما تركه حال ردته.
وما فعله قبل الردة من حج ونحوه فقد حبط بالردة، وعليه أن يحج مرة أخرى بعد إسلامه، وهو من باب الأداء، وليس من باب القضاء، فالردة أسقطت قضاء الصلاة والصيام والزكاة قبل الردة، لقوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: ٣٨].
وإن فعلت قبل الردة فقد حبطت بالردة، وكان مطالبًا بالأداء كما لو لم يفعل، كما لو ارتد بعد الوضوء، ثم رجع إلى إسلامه قبل أن يحدث، وكما لو ارتد في أثناء الصيام، ثم رجع إلى الإسلام قبل أن يفطر، وقبل أن تغرب الشمس.
* ونوقش هذا:
بأن الآيات المطلقة في حبوط العمل بالردة من غير قيد، محمولة على المقيد منها، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ [البقرة: ٢١٧].
ومقتضى الأصول حمل المطلق على هذا المقيد، فيقيد إحباط العمل بالموت على الكفر، وكل شيءٍ علق بشرطين لا يثبت بأحدهما.