الشارع قدم الاصطفاف على سنة تفرد الإمام في الجماعة إذا كانت مكونة من اثنين، وذلك دليل على أن سنة الاصطفاف أهم من سنة تفرد الإمام.
لو حضر اثنان، وفي الصف فرجة، فأيهما أفضل: وقوفهما جميعًا، أو سد أحدهما الفرجة وينفرد الآخر؟ رجح ابن تيمية الاصطفاف مع بقاء الفرجة؛ لأن سد الفرجة مستحب، والاصطفاف واجب، فإذا كان ذلك مقدمًا في الابتداء، فليكن مقدمًا لو كان الداخل فذًّا، وأمكنه طلب المصافة من الصف.
الحركة المترتبة على الجذب بالنسبة لآحاد المصلين حركة يسيرة جدًّا، فلو كانت لغير حاجة لكانت مباحة، فكيف إذا كانت هذه الحركة للخروج من الخلاف في بطلان صلاة المنفرد خلف الصف.
إذا ترك المصلي المكان الفاضل حسًّا لينفع أخاه، فهو في الحقيقة لم يتركه حكمًا؛ لأنه من تَرْك الشيء للعذر، فاجتمع له أجر المكان الفاضل، وتعاونه مع أخيه للخروج من الخلاف في بطلان صلاته.
كراهة الجذب من بعض الفقهاء لا يقوم على وجود نهي محفوظ من الشارع عنه لا على سبيل الإلزام، كما هو في تعريف المكروه عند الأصوليين، وإنما هو اجتهاد فقهي مستنبط: إما من فوات صفة مرغوبة غير واجبة، أو من توهم حدوث صفة غير مرغوبة ليست محرمة، وهو ما يسمى خلاف الأولى، وإذا كان ذلك لدفع الخلاف في بطلان صلاة الفذِّ لم يبق مسوغ للكراهة.
من قال بالجذب من الفقهاء لا يقصد التعبد بالجذب كوسيلة لطلب المصافة، وإنما مقصوده التوصل إلى الاصطفاف بطلب المصافة، سواء أكان ذلك بالجذب أو بالتنبيه بالكلام أو بالإشارة، أو بأي وسيلة تؤدي إلى الغرض المقصود، دون أن يؤدي ذلك إلى التشويش على المأموم.
اكتمال الصف لا يجعل المصلي في حكم العاجز عن الاصطفاف، إلا أن يكون عاجزًا عن الصلاة بجانب الإمام، ولم يجبه أحد من الصف حين طلب المصافة، فحينئذ يكون حكمه حكم المرأة الفذة التي لا تجد من يصافها، وأما قبل ذلك فلا يتحقق العجز.