- وكون الفعل أقل من ركعة، فإن أتم الركعة فذًّا، أو كان عالمًا بالنهي أعاد صلاته، وهو رواية عن أحمد، اختارها الخرقي.
الرابع: النهي في قوله: (لا تعد) ليس للتحريم.
قال البغوي النهي عن قوله:(لا تعد)، نهي إرشاد، لا نهي تحريم، ولو كان للتحريم لأمره بالإعادة (١). وهذا قريب من رأي الجمهور: أن النهي للكراهة.
الخامس: قال ابن حبان: إن صلى الرجل فذًّا خلف الصف بمقدار ما أباحه النبي ﷺ لأبي بكرة صحت صلاته، ويأثم فقط إن كان عالمًا بالنهي عن الصلاة خلف الصف، فهو مستثنى من جملة ما نهاه في خبر وابصة، وإن كان قد صلى أكثر مما أباحه لأبي بكرة أعاد الصلاة.
ومعلوم أن أبا بكرة صلى جزءًا من ركعة، فقد فاته الركوع خلف الصف، وأدرك ما بعد الركوع في الصف.
وكل هذه الأقوال اجتهادات في محاولة الجمع بين حديث وابصة وحديث أبي بكرة، والله أعلم.
وبدا لي صورة من صور الجمع لم تذكر، وهو أن يحمل حديث وابصة على أن النبي ﷺ قد بلغ الصحابة النهي عن الصلاة خلف الصف، ومنهم هذا الرجل، ويكون الصحابي قد نسي ذلك، والنسيان ليس عذرًا في باب المأمورات بخلاف المنهيات، وأما أبو بكرة، فقد لا يكون بلغه علم المسألة، ولا تكليف إلا بعد العلم.
الدليل الثاني على صحة الصلاة خلف الصف:
(ح-٣٢٧٧) ما رواه البخاري ومسلم من طريق مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة،
عن أنس بن مالك، أن جدته مليكة دعت رسول الله ﷺ لطعام صنعته له، فأكل منه، ثم قال: قوموا فَأُصَلِّيَ لكم. قال أنس: فقمت إلى حصير لنا، قد اسوَدَّ من طول