للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولعل الماوردي أخذ ذلك من كلام للخطابي ليس صريحًا.

قال الخطابي: «قال مالك إذا اختلفت نية الإمام والمأموم في شيء من الصلاة لم يعتد المأموم بما صلى معه، واستأنف، وكذلك قال الزهري وربيعة» (١).

ففهموا من عموم قول مالك أن ذلك يشمل المتنفل خلف المفترض، وليس هذا مذهبًا للإمام مالك.

وأصحاب مالك ينقلون الإجماع على صحة صلاة المتنفل خلف المفترض، كاللخمي في التبصرة، وابن العربي في أحكام القرآن، وابن عبد البر في التمهيد، وغيرهم، وسوف أنقل لك عباراتهم في الأدلة إن شاء الله تعالى.

قال ابن دقيق العيد: «ومن نقل عن مذهب مالك، أنه لا يجوِّز اختلاف النيات، حتى لا يصلي المتنفل خلف المفترض، فليس بجيد، فليعلم ذلك» (٢).

وما نسبه الخطابي والماوردي للزهري وربيعة لم أقف عليه مسندًا عنهما، والمحفوظ عن الزهري مسندًا أنه منع المصلي أن يصلي فرضًا خلف من يصلِّي فرضًا آخر.

(ث-٨٢٣) فقد روى عبد الرزاق في المصنف، عن معمر،

عن الزهري في رجل دخل مع قوم يصلون العصر، وهو يظن أنها الظهر، قال: يصلي الظهر، ثم يصلي العصر، ولا يعتد بما صلَّى حتى يقدِّم ما قدَّم الله.

[صحيح] (٣).

فإن كان قول الزهري أخذ من قوله هذا، ففيه مجال للنظر؛ لأن الجمهور الذين صححوا صلاة المتنفل خلف المفترض يمنعون من صلاة الظهر خلف من يصلي العصر.

ونسب النووي هذا القول لأبي قلابة، وليس صريحًا عنه.


(١) معالم السنن (١/ ١٧٠).
(٢) انظر: إحكام الأحكام (١/ ٢٩٧).
(٣) مصنف عبد الرزاق، ط التأصيل الثانية (٢٣٢٥).
وروى عبد الرزاق أيضًا (٢٣٣٣) عن معمر، عن الزهري، قال: يعيد المغرب والعشاء قال ذلك في حق من انتهى إلى جماعة، وهم يصلون العشاء، فظن أنهم يصلون المغرب، فصلى معهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>