للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فكيف يظن بمعاذ، وهو من أفقه الصحابة، أن يضيع فرض صلاته الذي قد تعين عليه، فيترك أداءه، ويشتغل بالتنفل، وصلاة الفرض قد أقيمت، لا سيما مع رسول الله ، فليت شعري، إلى من كان يؤخر معاذ صلاة فرضه حتى يصليها معه راغبًا عن أن يصليها مع رسول الله (١).

وأجيب على هذا:

جاء في إحكام الأحكام: «يمكن أن يقال فيه: إن المفهوم أن لا يصلي نافلة غير الصلاة التي تقام؛ لأن المحذور: وقوع الخلاف على الأئمة، وهذا المحذور منتف مع الاتفاق في الصلاة المقامة. ويؤيد هذا: الاتفاق من الجمهور على جواز صلاة المتنفل خلف المفترض، ولو تناوله النهي المستفاد من النفي: لما جاز جوازًا مطلقًا» (٢).

ويرد على هذا:

بأن الرجل إذا لم يصلِّ فرضه، وسمع الإقامة ولو كان خارج المسجد كان مأمورًا بالسعي إلى المسجد؛ لأداء المكتوبة، فكيف يتصور أن معاذًا يتمكن من أداء الفريضة، ولا يصلِّيها.

قال : إذا سمعتم الإقامة فامشوا، وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا. متفق عليه.

فالزعم أن معاذًا لم يصلِّ فرضه يحتاج إلى حجة قاطعة، لا نزاع فيها، وليس من قبيل الاحتمال.

انتهيت من مناقشة الدليل الأول على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل، وما ورد عليه من اعتراضات ومناقشات، وأنتقل إلى دليلهم الثاني.

الدليل الثاني:

(ح-٣٢٥٤) فقد روى مسلم من طريق يحيى (هو ابن أبي كثير)، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن،


(١) انظر: المحلى (٣/ ١٤٩).
(٢) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (١/ ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>