للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٤٠٩): «فكان من الحجة للآخرين عليهم، أن ابن عيينة قد روى هذا الحديث، عن عمرو بن دينار، كما رواه ابن جريج، وجاء به تامًّا، وساقه أحسن من سياق ابن جريج، غير أنه لم يقل فيه هذا الذي قاله ابن جريج (هي له تطوع، ولهم فريضة)، فيجوز أن يكون ذلك من قول ابن جريج، ويجوز أن يكون من قول عمرو بن دينار، ويجوز أن يكون من قول جابر. فمن أي هؤلاء الثلاثة كان القول، فليس فيه دليل على حقيقة فعل معاذ أنه كذلك، أم لا؛ لأنهم لم يحكوا ذلك عن معاذ، إنما قالوا قولًا، على أنه عندهم كذلك، وقد يجوز أن يكون في الحقيقة بخلاف ذلك».
قلت: لا يصح أن يكون هذا القول من عمرو بن دينار؛ ولا من جابر؛ لأنه لو كان من أحدهما لرواه غير ابن جريج، وكلام الطحاوي عن زيادة ابن جريج في أحكام القرآن أدق من كلامه هذا.
قال في أحكام القرآن (١/ ٢٠٦): «وليس من الحديث -يعني: زيادة ابن جريج- ولا من لفظ جابر، ولا عمرو بن دينار، وذلك أن ابن عيينة قد روي هذا الحديث عن عمرو، وأبي الزبير بألفاظ أكثر من ألفاظ حديث ابن جريج، ولم يُذكر فيه هذا الحرف».
ورد ابن حجر كلام الطحاوي بقوله:
قال في الفتح (٢/ ١٩٦): «وتعليل الطحاوي له بأن ابن عيينة ساقه عن عمرو أتم من سياق ابن جريج، ولم يذكر هذه الزيادة، ليس بقادح في صحته؛ لأن ابن جريج أسن، وأجل من ابن عيينة وأقدم أخذًا عن عمرو منه». اه
وإذا لم يكن ضبط الرواية وسياقها بتمامها، وعدم الاختلاف على الراوي، وموافقة الثقات أمارة على الحفظ. ولم يكن التفرد، ومخالفة رواية الجماعة أمارة على خلاف ذلك، فأين كلام المحدثين في عدم الاعتماد في التصحيح على الإسناد فقط، فالمحدثون يعتبرون النظر في المتن، وسلامته من مخالفة الثقات من أهم الدلائل على ضبط الراوي لما روى، وسوف أجلي هذه النقطة بالحجة الثانية والثالثة والرابعة إن شاء الله تعالى.
الحجة الثانية: أن ابن عيينة قد وافقه على عدم ذكر هذا الحرف جماعة من أصحاب ابن جريج، منهم حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وأيوب، وشعبة، وسليم بن حيان، فاتفاقهم على عدم ذكر هذا الحرف يدل على ضبطهم، ووهم ابن جريج.
الحجة الثالثة: أن المقدار الذي رواه ابن جريج من حديث عمرو بن دينار يدل على أنه لم يجوِّد الحديث، فإذا وازنت الحديث من رواية سليم بن حيان عند البخاري، أو من رواية شعبة عند البخاري والدارمي، أو من رواية ابن عيينة عند الإمام مسلم، أو من رواية حماد بن سلمة عند أبي سعيد الشاشي، أيقنت أن ابن جريج لم يجود حديث عمرو بن دينار، فما رواه ابن جريج مقدار يسير جدًّا مما حفظه هؤلاء الجماعة، والحكم لمن جوَّد الحديث، ولو كان مفضولًا، فكيف إذا كانوا جماعة من الثقات الأثبات، ومن الطبقة الأولى من أصحاب عمرو بن دينار، ولا يكفي كون ابن دينار مقدمًا في الراوي، إذا كان في هذه الرواية الخاصة =

<<  <  ج: ص:  >  >>