للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

رأيت النبي قط أشد غضبًا في موعظة منه يومئذٍ، ثم قال: يا أيها الناس إن منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليوجز، فإن فيهم الكبير، والضعيف، وذا الحاجة (١).

فقد وصف النبي معاذًا بأنه فتان؛ فلو لم يكن هذا الفعل غير مشروع لما كان من لازمه الوقوع في الفتنة، ولو سلمنا أن الإطالة ليست عذرًا فإن مخالفة السنة عذر تبيح للمصلي قطع الاقتداء. وقد اعتذر الأنصاري من مفارقته لمعاذ في حديث أنس بأمرين:

الأول: أنهم يعملون بالنهار مما يجعل المصلي في آخر النهار أحوج ما يكون إلى الراحة، ولهذا كانت صلاة الصبح أطول الصلاة قراءة، والمغرب أقصرها.

الثاني: حاجته إلى إكمال سقي نخله؛ ليخلد إلى الراحة.

فلم يكن مفارقة الأنصاري لمعاذ لمجرد إطالة الصلاة، بل لما يترتب على الإطالة من تفويت بعض المصالح، والله أعلم.

المناقشة الرابعة:

أن قوله: (فلا تختلفوا عليه) متأخر عن هذه الحادثة؛ لأن ذلك كان قبل معركة أحد، وقد استقر التشريع بالنهي عن الاختلاف على الإمام، فيكون ناسخًا لما فعله هذا الأنصاري .

الدليل الثالث:

قطع القدوة من المأموم كقطع القدوة من الإمام، فلو أن الإمام حصل له عذر منعه من إكمال صلاته جاز للمأموم إتمام صلاته منفردًا في أصح قولي أهل العلم، فكذلك إذا قطع المأموم القدوة لعذر، كان له أن يبني على ما صلاه مع إمامه، ولا فرق.

الدليل الرابع:

الجماعة عند الشافعية فضيلة، فكان له تركها، كما لو صلي بعض صلاة النفل قائمًا، ثم نوى الجلوس.

دليل من قال: يجوز القطع لعذر، ولا يجوز بدونه.

هذا القول حجته حديث جابر وأنس السابقين، فكون النبي غضب على


(١) صحيح البخاري (٧٠٢)، وصحيح مسلم (٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>