للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[م-١٠٥٩] التخلف عن الإمام إما أن يكون في الركن، وإما أن يتخلف عنه بركن واحد، وإما أن يتخلف عنه بأكثر، وقد يكون ذلك لعذر، وقد يكون بلا عذر:

فالتخلف في الركن: بأن يتأخَّر عن المتابعة، لكن يدرك الإمام في الركن الذي انتقل إليه، مثل: أن يركعَ الإمام، وقد بقي عليه آيةٌ، أو آيتان مِنْ السُّورةِ من غير الفاتحة، فبقي قائمًا من أجل إكمال السورة، فلما ركع، أدرك الإمام في الركوع، فالركعة هنا صحيحة باتفاق أهل العلم؛ لأنه شاركه في الركن، ولكن الفعل مخالف للسنة؛ لأن المشروع أن تشرع في الركوع من حين يصل إمامك إلى الركوع، ولا تتخلف؛ لقول النبي : (إذا رَكَعَ فاركعوا) متفق عليه.

ولأن المتابعة واجبة، والقراءة على المأموم ليست واجبة مطلقًا في قول جمهور أهل العلم، وخالف الشافعية فقالوا بوجوب قراءة الفاتحة على المأموم (١).

وأما التخلف بركن أو أكثر: فالعلماء متفقون على تحريم الفعل، ويختلفون في مسألتين: في إبطال الصلاة بفعله عمدًا، وفي صفة إصلاح صلاته إذا عرض له، وإليك خلاف العلماء:

القول الأول: مذهب الحنفية:

إذا تأخر المأموم عن إمامه بركن، أو ركعة أو أكثر، وهما في الصلاة، فهذا يسميه الحنفية اللاحق، فعليه أن يبدأ بقضاء ما فاته أثناء الصلاة، ثم يلحق إمامه ليكمل معه ما بقي من الصلاة، فإن فرغ الإمام قبل أن يقضي ما فاته صلى ما بقي عليه وحده، ولكنه يقضيه، وهو في حكم المأموم، وليس في حكم المنفرد، فلا قراءة عليه، ولو سها لم يسجد للسهو كالمأموم، بخلاف المسبوق فإنه يقضي ما فاته بحكم المنفرد، ولو خالف اللاحق، فتابع الإمام، ثم قضى ما عليه بعد فراغ الإمام صح وأثم (٢).


(١) مغني المحتاج (١/ ٥٠٦).
(٢) اللاحق، وهو من أدرك الصلاة مع الإمام، ثم فاته بعضها بعد الشروع فيها، وقد يكون فواته بلا عذر، كما لو سبق المأموم إمامه في الركوع أو السجود، فإن ما سبق به إمامه لغو، فيؤول السبق إلى التأخر عن الإمام بالأركان التي سبقه فيها.
وقد يكون فواته لعذر، كغفلة، وزحمة، ونعاس لا ينقض الوضوء، ونحو ذلك.
وكل من المسبوق واللاحق يجب أن يصلي ما فاته، إلا أن أحكام المسبوق تختلف عن أحكام اللاحق عند الحنفية:
فالمسبوق لا يقضي ما فاته إلا بعد فراغ إمامه من الصلاة، وإذا قام يقضي ما فاته فإنه في حكم المنفرد، فتشرع له القراءة، ويجب عليه السجود لو سها فيما يقضيه.
واللاحق: يقضي ما فاته أثناء الصلاة، ثم يلحق إمامه ليكمل معه ما بقي من الصلاة، ويقضيه، وهو في حكم المأموم، وليس في حكم المنفرد.
وقد يكون المصلي مسبوقًا فاته شيء من صلاته، ولاحقًا في الوقت نفسه، كما لو نعس أو غفل حتى تأخر عن الإمام في بعض الأركان، قال ابن عابدين في حاشيته (١/ ٥٩٥): «وحكمه أنه يصلي إذا استيقظ مثلًا ما نام فيه، ثم يتابع الإمام فيما أدرك، ثم يقضي ما فاته».
انظر: الدر المختار (ص: ٨١)، البحر الرائق (١/ ٣٧٧)، حاشية ابن عابدين (١/ ٥٩٤)، المبسوط (١/ ٢٢٩)، تحفة الفقهاء (١/ ٢١٥)، بدائع الصنائع (١/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>