للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ورواه الشيخان من طريق مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة (١).

فرتب فعل المأموم على فعل الإمام بالفاء المقتضية للترتيب والتعقيب.

ولأن الاقتداء بناء صلاته على صلاة الإمام، فلا بد من شروع الإمام في الصلاة حتى يتحقق البناء على صلاته، وإلا لزم البناء على المعدوم وهو لا يجوز.

ونوقش هذا:

بأن الفاء المقتضية للتعقيب هي العاطفة، أما الواقعة في جواب الشرط فإنما هي للربط، والظاهر أنه لا دلالة لها على التعقيب، على أن في دلالتها على التعقيب مذهبين، حكاهما الشيخ أبو حيان الأندلسي في شرح التسهيل، وإن قلنا بالتعقيب فليس مستفادًا من الفاء، وإنما هو من ضرورة تقدم الشرط على الجزاء، والله أعلم (٢).

وقولكم: إن المقارنة يلزم منها البناء على المعدوم، لأن صلاة الإمام لم تنعقد بعد، فغير مسلم، وإنما يكون بناء على المعدوم لو كان شروع المقتدي سابقًا على شروع الإمام فإذا كان مقارنًا له لا تكون صلاة الإمام معدومة وقت وجود صلاة المقتدي، والله أعلم.

تعليل من قال: الأفضل مقارنة المأموم للإمام في تكبيرة الإحرام:

قال أبو حنيفة: المأموم شريك الإمام في الصلاة، وحقيقة المشاركة في المقارنة.

واستدل أبو حنيفة أيضًا بحديث أبي هريرة في الصحيحين: (إذا كبر فكبروا)

ولم ير الفاء في قوله: (فكبروا) أنها للتعقيب، بل الحديث فيه أمر المأموم بالتكبير في زمان يكبر فيه الإمام؛ لأن (إذا) في قوله (إذا كبر فكبروا) ظرف للوقت حقيقة كالحين، فيكون تقديره: (فكبروا في زمان فيه يكبر الإمام).

والفاء وإن كانت للتعقيب فقد تستعمل للمقارنة كقوله تعالى ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: ٢٠٤] فيجب الاستماع والإنصات في زمان


(١) صحيح البخاري (٧٩٦، ٣٢٢٨)، وصحيح مسلم (٧١ - ٤٠٩).
ورواه مسلم (٨٧ - ٤١٥) عن الأعمش، عن أبي صالح به.
(٢) انظر: طرح التثريب (٢/ ٣٢٩، ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>