للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقصر ابن عبد السلام من المالكية الجواز في حق الإمام الراعف الباني دون ما يوجب قطع الصلاة كالحدث، قال ابن عرفة: وهو وهم وقصور (١).

وقد يقال: إن قول ابن القاسم وابن عبد السلام أخص من قول الحنابلة والشافعية، فهما يتكلمان عن البناء على الصلاة إذا أحدث الإمام، أو رعف في صلاته، فاستخلف، فخرج، فتوضأ، ثم عاد إلى إمامة الصلاة مرة أخرى، فاستأخر المستخلف.

فهذا جائز عند ابن القاسم سواء أكان خروجه عن الصلاة من حدث أم من رعاف.

بخلاف ابن عبد السلام فقصره على الراعف الباني، واشترطوا ألا يعمل المصلون لأنفسهم عملًا قبل عوده.

وقد لا يجيزان صورة أن يأتي رجل من خارج الصلاة، فيستخلف، ويتراجع الإمام إلى الائتمام، كما في حديث سهل بن سعد. والله أعلم (٢).

وقال ابن حزم: «لا يضره أن يكبر قبل إمامه، إذا كان تكبيره بحق» (٣).


(١) منح الجليل (١/ ٣٩٧)، حاشية الدسوقي (١/ ٣٥٥)، شرح الزرقاني على خليل (٢/ ٦٣).
المالكية قسموا الحدث في الصلاة إلى قسمين:
حدث يقطع الصلاة، ولا يبنى آخر الصلاة على أولها، كما لو خرج منه ريح، وهو يصلي.
وحدث يوجب الخروج من الصلاة باعتباره ناقضًا للطهارة، فيخرج ويتطهر، ويصح له أن يبني آخر الصلاة على أولها كالرعاف، وقد تكلمت على ذلك في كتابي موسوعة الطهارة، فارجع إليه إن شئت.
(٢) إذا سبق الإمام حدث أو رعاف، وهو في الصلاة، فالفقهاء مختلفون هل له إذا تطهر أن يبني على ما صلى:
فقيل: تبطل صلاته مطلقًا، فيخرج ويتطهر، ويستأنف، وهو الجديد من قولي الشافعي، والمشهور من مذهب الحنابلة، واختاره ابن حزم.
وقيل: له البناء على صلاته من حدث أصغر، ما لم يتكلم، والاستئناف أفضل خروجًا من الخلاف، وهو مذهب الحنفية، ورواية عن أحمد، اختارها الآجري.
وقال الشافعي في القديم: يبني في الحدث الأصغر، والأكبر، بل ومن كل مناف إذا وقع بدون اختياره، كما لو وقعت عليه نجاسة، واحتاج في إزالتها إلى الغسل، أو كشفت الريح عورته وألقت ثوبه بعيدًا.
وقيل: تبطل إن كان ذلك عن حدث، ويبني إن كان بسبب رعاف، وهذا مذهب المالكية.
انظر المجلد الثاني عشر من هذا الكتاب.
(٣) المحلى (٢/ ١٥٧)، وقد قاله ابن حزم في الرجل المنفرد يحرم بالفريضة، ثم تقام الجماعة،
فينوي الائتمام بهم، وهذه المسألة تخرج عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>