للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء (١).

وفي رواية لمسلم من طريق همام، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة به، وفيه: فجاذبه حتى انشق البرد، وحتى بقيت حاشيته في عنق رسول الله (٢).

فالشافعية والحنابلة لم يكرهوا إمامة الأعرابي، ولكنهم فضلوا إمامة الحضري عليه؛ لكونه أصلح للولاية من الأعرابي، وإذا كان الإنسان يتأثر بمخالطة العجماوات حتى تجد أثر طباعها على سلوكه، فكذلك البيئة لها أثرها في خلق القوم.

(ح-٣٢٠١) فقد روى البخاري ومسلم من طريق مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج،

عن أبي هريرة أن رسول الله قال: رأس الكفر نحو المشرق، والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل الفدادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم (٣).

والمدن الجبلية والحارة صيفًا والباردة شتاء عند أهلها من ضيق الخلق وحرارة الطبع أكثر من المدن المعتدلة والساحلية، وهذا أمر مشاهد، ولا يحتاج إلى ضرب الأمثلة حتى لا يغضب علينا بعض إخواننا، والله أعلم.

الراجح:

إذا تقدم الأعرابي للإمامة والجماعة لا تعرفه، فلا يتقدم؛ لأن الغالب عليهم الجهل، وأما إذا عرف، وكان مساويًا للحضري في القراءة والفقه والسن، فإن كانت صلاته مؤقتة لغياب الإمام مثلًا، فالأمر سهل، فسواء قدم الأعرابي أو الحضري فلا فرق؛ لأنها فريضة واحدة، وقد كان كل واحد منهما صالحًا للإمامة.

وإن تقدم ليكون إمامًا راتبًا فالحضري أولى من الأعرابي، إلا أن يفضل جماعة المسجد الأعرابي، فيقدم؛ لأن اختيارهم له ورضاهم عنه، وتفضيله على الحضري دليل على أهليته للولاية، ورجحان عقله، والله أعلم.


(١) صحيح البخاري (٣١٤٩)، ومسلم (١٢٨ - ١٠٥٧).
(٢) صحيح مسلم (١٢٨ - ١٠٥٧).
(٣) صحيح البخاري (٣٣٠١)، وصحيح مسلم (٨٥ - ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>