فهم الصحابة للحديث مقدم على فهم من بعدهم، فإجماع كبار الصحابة القرشيين وفيهم عمر على تقديم سالم مولى أبي حذيفة عليهم؛ لكونه أكثرهم قرآنًا. كما قدموا عمرو بن سلمة للإمامة، وهو ابن ست أو سبع سنين امتثالًا لأمر النبي ﷺ حين أمرهم بقوله:(وليؤمكم أكثركم قرآنًا)، وهو نص في محل النزاع.
وإمامة عمرو بن سلمة لقومه استمرت إلى وفاة النبي ﷺ، فيبعد أن يكون النبي ﷺ لم يبلغه ذلك، مع حرصه على تفقد أحوال أمته، ولقد كان النبي ﷺ يتولى بنفسه تعيين الأئمة، ويوصيهم بالتخفيف، ولو سلمنا أنه لم يثبت إقرار النبي ﷺ فقد اطلع عليه الله، وأقره، كما احتج جابر بإباحة العزل بقوله ﵁: كنا نعزل والقرآن ينزل، وإذا لم يثبت إقرار الله، ولا إقرار النبي ﷺ، فهذا اجتهاد جماعي من هؤلاء الصحابة، وقد كانوا بممر الناس، فكانوا يصلون معهم، ولم يعترض عليهم أحد، لا زمن التشريع، ولا زمن خلافة أبي بكر، ولا زمن خلافة عمر ﵁ حتى بلغ الصبي في عهد عمر ﵁، واستمر إمامًا حتى توفي شيخًا كبيرًا، فكان إجماعًا سكوتيًا، فهو أبلغ من قول يؤثر عن واحد من الصحابة، قد لا يعلم به أحد.
فالحديث نص على أن تقديم عمرو بن سلمة؛ لكونه أكثرهم قرآنا، فوالده