للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هي من طاعته ، وغير معقول أن ينسخ شيء منها.

الاعتراض الخامس: قال بعض العلماء: إن القول بالنسخ يستلزم دعوى النسخ مرتين؛ لأن الأصل في حكم القادر على القيام أن لا يصلي قاعدًا، وقد نسخ إلى القعود في حق من صلى إمامه قاعداً، فدعوى نسخ القعود بعد ذلك يقتضي وقوع النسخ مرتين، وهو بعيد. اه

فأصحاب النبي صلوا خلف النبي قيامًا في مرضه القديم، على الأصل أن القادر على القيام يجب عليه القيام، ثم أمرهم بالجلوس إذا صلى الإمام جالسًا، فكان ذلك نسخًا لفعلهم الأول، والذي جرى على الأصل، ثم صلوا خلفه قيامًا في مرض موته، والأصل عدم تعدد النسخ.

ولا أرى أن الفعل المتأخر إذا خالف القول المتقدم حمل على النسخ، بل يدل على الجواز، يبينه الاعتراض السادس، والله أعلم.

الاعتراض السادس: إذا خالف فعل النبي قوله، لا يمكن الجزم بأن الفعل كان منه على وجه النسخ إلا أن يثبت ذلك بنص أو إجماع، فقد يراد من الفعل بيان حقيقة دلالة الأمر أو النهي، فالأصل أن النبي إذا أمر بأمر، ثم خالفه دل ذلك على أن الأمر ليس للوجوب، وإذا نهى عن شيء ثم فعله، دل على أن النهي ليس للتحريم إلا أن يقوم دليل على أن الفعل من خصائصه ، فمن أين لكم أن فعل الرسول إذا خالف قوله أن ذلك جرى على سنة النسخ، فلا يوجد نص مرفوع ولا موقوف يدعي أن فعل النبي في مرض موته جرى على سنن النسخ، والأصل عدم النسخ.

والأصوليون مختلفون في جواز نسخ القول بالفعل، ومن أجازه منهم ضرب له أمثلة لا يتفق العلماء على تأويله بالنسخ، كترك الوضوء مما مست النار، وكونه نهى عن استدبار القبلة، ثم رآه بعض أصحابه يستدبر القبلة قبل أن يقبض بعام، وكونه نهى عن الشرب واقفًا، ثم شرب في حجة الوداع.

وهناك من العلماء من يرى أن فعل الرسول لا ينسخ قوله، والأمر بالوضوء

<<  <  ج: ص:  >  >>