للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولا تتنزل هذه المسألة على المشهور من مذهب مالك فقد سبق لنا في المسألة السابقة أن الإمام مالكًا لا يرى صحة إمامة القاعد للقائم نص عليه في المدونة (١).

هذا إجمال الخلاف المأثور عن أئمتنا:

قيل: يصلي خلفه قائمًا.

وقيل: يصلي خلفه قاعدًا استحبابًا، وقيل: وجوبًا.

وقيل: إذا ابتدأ الإمام الصلاة بهم قاعدًا صلوا خلفه قعودًا، وإذا ابتدأ بهم الصلاة قائمًا فطرأ عليه عجز، فجلس، وجب على المأموم أن يصلي خلفه قائمًا.

وحيث انتهى عرض الأقوال في المسألة، فقد حان عرض الأدلة.

دليل من قال: يحب على المأموم الصلاة جالسًا:

(ح-٣١٢٩) روى البخاري ومسلم من طريق مالك، عن ابن شهاب،

عن أنس بن مالك: أن رسول الله ركب فرسًا فصرع عنه، فجحش شقه الأيمن، فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد، فصلينا وراءه قعودًا، فلما انصرف، قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به؛ فإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون (٢).

(ح-٣١٣٠) وروى البخاري من طريق مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه،


(١) قال ابن عبد البر كما في التمهيد (١٤/ ٣٤٨): «روى جماعة أصحاب مالك، عن مالك، وهو المشهور من مذهبه، أن ليس لأحد أن يؤم جالسًا، وهو مريض بقوم أصحاء، ومن فعل ذلك فصلاته فاسدة، وعليهم الإعادة؛ منهم من قال: في الوقت، ومنهم من قال: أبدًا، وبعضهم قال: لا يعيد الإمام المريض، وبعضهم قال: يعيد».
وانظر: المدونة (١/ ١٧٤)، مختصر خليل (ص: ٤٠)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٣٢٧)، شرح الزرقاني على خليل (٢/ ١٨)، جواهر الدرر (٢/ ٣٢٨).
(٢) صحيح البخاري (٦٨٩)، وصحيح مسلم (٨٠ - ٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>