البحث الثاني في صفة صلاة المأموم خلف الإمام القاعد
المدخل إلى المسألة:
قال النبي ﷺ: إذا صلى الإمام جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون، صح ذلك من حديث أنس وعائشة وأبي هريرة وكلها في الصحيحين ومن حديث جابر، وهو في مسلم.
العلة المنصوصة عليها في جلوس المأموم خلف إمامه الجالس هي المتابعة للإمام، ومخالفة فارس والروم وطاعة الأمراء، وهي أمور محكمة لم يطرأ عليها نسخ.
الإجماع على وجوب القيام على المأموم إذا صلى خلف إمامه القائم، واختلفوا في وجوب القيام على المأموم إذا صلى خلف الإمام الجالس.
الذي أوجب القيام على المصلي هو الذي أسقط عنه القيام إذا صلى خلف الإمام الجالس، ولا اعتراض على النص، والنظر: هل سقوطه واجب أو مندوب.
اتفق المسلمون على أن النبي ﷺ صلى مع أصحابه في مرض موته، واختلف أصحابه أكان هو المقدم أم كان أبا بكر، وإذا اختلف الشاهد، فما بالك بالغائب.
المقطوع به أن أبا بكر ﵁ قد بدأ الصلاة إمامًا، ثم اختلفت الرواية، أبقي إمامًا أم انتقل إلى الائتمام، فيستصحب بقاؤه إمامًا حتى نتيقن انتقاله.
حديث عائشة في مرض موته، وصلاة الناس خلفه قيامًا سنة فعلية، والسنة الفعلية لا تعارض قوله، والفعل بمجرده لا يقوى على نسخ القول إلا بنص أو إجماع.
الأحاديث الصحيحة في مرضه القديم سيقت لبيان حكم جلوس المأموم، من حديث أنس وعائشة وأبي هريرة وجابر، وهي سنة قولية ودلالتها صريحة أما حديث عائشة في مرض موته فلم يكن سياقه لبيان حكم قيام المأموم خلف الإمام القاعد.
قول النبي ﷺ:(إذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون) عام، يشمل ما إذا افتتح الصلاة جالسًا، أو طرأ عليه العجز.