دليل عليها، وهو مخالف لتعليل النبي ﷺ في الحديث، فالحديث معلل، وقد علل النبي ﷺ بالاقتداء به لكونه إمامهم، وليس لأنه إمام راتب، أو لأنه الإمام الأعظم، فكون النبي ﷺ هو الإمام الراتب أو الإمام الأعظم فذلك وصف طردي لا يقتضي التخصيص، فقد قال لهم النبي ﷺ بعد انصرافه من الصلاة:(إنما جعل الإمام ليؤتم به؛ فإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا … وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون).
والنص تضمن أكثر من حكم محكم:
الأول: استخدام (إنما) المفيدة للحصر، وأن وظيفة الإمام هو الائتمام به، وهو حكم عام محكم في كل إمام.
الثاني: علق النبي ﷺ الحكم بالإمام، وأل في (الإمام) للعموم، وهو يدل على أنه تشريع لكل إمام، راتبًا كان أم غيره، فاشتراط كونه راتبًا هذا قدر زائد على الوصف الذي علق النبي ﷺ الحكم به.
الثالث: قوله: (وإذا صلى جالسًا … ) إذا: اسم شرط عام في الوقت، ففي أي وقت صلى الإمام جالسًا كان المأموم مأمورًا بالصلاة جالسًا، فمن خصه بإمام المسجد فقد خصص العام بلا دليل.
وقد يكون العاجز أقرأ القوم، فيقدم لهذا الوصف، ولو لم يكن راتبًا امتثالًا لحديث:(يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)، ولم يفرق بين قادر وعاجز.
وأما الجواب عن حديث ابن عمر: وأنه قرن ذلك بوجوب الطاعة للأئمة، فهو فرد من أفراد العام لا يقتضي تخصيصًا.
وأما حديث عائشة في إمامة النبي ﷺ للناس في مرض موته فقد استدل به الشافعية على جواز إمامة العاجز للقادر، وذكرت ما اعترض به المخالفون وأجبت عنه، والله أعلم.
الدليل الرابع:
ولأنه إذا صحت إمامة القاعد لمثله، صحت إمامته للقائم؛ لأن كل من جاز أن يكون إمامًا للقاعد صح أن يكون إمامًا للقائم، أصله إمامة القائم للعاجز.