للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن رجب: «وهذا يصلح أن يكون متمسكًا للإمام أحمد في تخصيصه ذلك بإمام الحي؛ فإن أئمة الحي إنما ينصبهم الأئمة غالبًا، وخصه في رواية عنه بالإمام الأعظم الذي تجب طاعته» (١).

فأخذ الحنابلة من هذه الأحاديث: حديث أنس وعائشة وجابر في صلاة النبي في مرضه القديم، وحديث عائشة في مرضه الذي مات فيه دليل على صحة صلاة العاجز عن القيام وحده بالقادر عليه، وأن الحكم خاص بالإمام الراتب؛ لأن النبي ، هو الإمام الراتب، ولا حاجة للناس إلى تقديم إمام عاجز عن القيام إذا لم يكن راتبًا، فلا يتحمل إسقاط ركن في الصلاة لغير حاجة، والنبي حيث فعل ذلك كان هو الإمام الراتب.

وأما الدليل على اشتراط أن يكون مرضه يرجى زواله:

لأن اتخاذ الزَّمِن، ومن لا يرجى قدرته على القيام إمامًا راتبًا يفضي إلى ترك جماعة المأمومين القيام على الدوام عند من يقول: يجب على المأموم الصلاة جالسًا إذا صلى إمامه جالسًا، كما هو المشهور عند الحنابلة، ولا حاجة إلى ذلك.

ولأن الأصل في هذا فعل النبي ، والنبي كان يرجى زوال مرضه.

ونوقش هذا:

بأن هناك فرقًا بين قولنا: لا يشرع اتخاذ الزَّمِن إمامًا راتبًا، وبين صحة إمامته لو صلى بالناس، فالتصرف للغير يجب أن يراعى فيه الأكمل، والإمام الصحيح أكمل من المريض، وكون القدرة على الأركان صفة كمال لا نقاش فيها، ولكن أين الدليل على أنها شرط لصحة الإمامة، وقد صلى النبي في مرضه القديم ببعض أصحابه في بيته، وليس في المسجد، وصلاة الرجل إمامًا في بيته أو في بستانه ليس بوصفه إمامًا راتبًا؛ لأن البيت ليس له إمام فضلًا أن يكون له إمام راتب، وقد قيده الحنابلة بالإمام الراتب في المسجد في رواية، وفي أخرى بالإمام الأعظم، وكل هذه القيود لا


(١) فتح الباري لابن رجب (٦/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>