القارئ فرضه القراءة، وغير القارئ فرضه: التسبيح والتحميد والتكبير، فإذا أم الأميُّ الذي فرضه الذكر مَنْ كان فرضه القراءة، وأدَّى كل واحد منهما فرضه الذي عليه، فأيهما أمَّ الآخر فصلاته جائزة؛ إذ كل واحد منهما مؤدٍّ ما فُرِض عليه (١).
ونوقش هذا:
بأن العاجز عن تحصيل الفرض بنفسه عليه تحصيل هذا الفرض عن طريق الائتمام بمن يحسنها؛ لأن قراءة الإمام قراءة للمأموم، ولأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فإذا ترك الأمي الصلاة خلف القارئ مع إمكان الائتمام به كان ذلك تركًا للقراءة اختيارًا مع القدرة.
ورد هذا:
سبق أن ناقشت القول بأن الأمي إذا عجز عن القراءة انتقل إلى بدل، وهو الائتمام بالقارئ، وأنه إذا أمكن أن يصلي خلف قارئ أصبحت الجماعة في حقه شرطًا في صحة صلاته، بحيث لو صلى منفردًا أو خلف أمي بطلت صلاته، وبينت في المسألة السابقة ضعف هذا القول، فارجع إليه.
الدليل الثالث:
إذا كان العجز عن القراءة لا يمنع من صحة الصلاة، لم يمنع من صحة الإمامة، فكل من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته لغيره إلا بدليل، أصله صحة ائتمام القائم بالقاعد، والمتوضئ بالمتيمم، والكاسي بالعاري، فما المانع من صحة إمامة الأمي للقارئ، وقد أدى كل واحد منهما ما فرض عليه.
يقول المزني: «قد أجاز -يعني الإمام الشافعي- صلاة من ائتم بجنب والجنب ليس في صلاة، فكيف لا يجوز من ائتم بأمي، والأمي في صلاة، وقد وضعت القراءة عن الأمي، ولم يوضع الطهر عن المصلِّي، وأصله: أن كلًّا يصلي عن نفسه، فكيف يجزئه خلف العاصي بترك الغسل، ولا يجزئه خلف المطيع الذي