للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعَدَّ عبد الرحمن بن قدامة في الشرح الكبير بأن صحة إمامته بمثله قياس المذهب قياسًا على الأمي والعاجز عن القيام يؤم مثله، وهذا في معناهما (١).

لاستوائهما في فوات الركن، أشبه إمامة الأمي بمثله.

وقال الشافعية والحنابلة: لا تصح إمامة الأخرس بمثله، نص عليه أحمد في رواية حنبل، وأحد القولين عن القاضي أبي يعلى، واختاره ابن قدامة في المغني (٢).

وقال خليل من أصحاب المالكية: «وأما إمامة الأخرس بمثله فلم أر فيها نصًّا» (٣).

قال المرداوي: «وأما إمامته بمثله: فالصحيح من المذهب: أن إمامته لا تصح، وعليه جمهور الأصحاب» (٤).

وجه القول بأنه لا يصح إمامته بمثله:

الأخرس لا يقدر على عقد التحريمة، والاقتداء يعني بناء تحريمة المأموم على تحريمة إمامه فاستحال البناء، إلا أن الشرع جوز صلاته لنفسه بلا تحريمة للضرورة.

ونوقش:

بأن الاقتداء يعتمد إما على السماع أو على الرؤية، أو عليهما، فإذا أمكن رؤية يدي الأخرس ترفعان للتكبير مع وجود النية أمكن الاقتداء، كما يمكن اقتداء الأصم بالقارئ، فإن الأصم لا يسمع قراءة إمامه، ويمكنه الاقتداء بالرؤية.

وقيل: يجوز إمامة الأخرس بمثله إذا لم يوجد قارئ، وبه قال أبو حنيفة، وأشار إليه ابن عبد السلام من المالكية.

لأن القراءة لما كان يتحملها الإمام كان ترك الأخرس الصلاة خلف القارئ تركًا للقراءة اختيارًا (٥).


(١) الشرح الكبير لابن قدامة (٢/ ٣٨).
(٢) نهاية المحتاج (٢/ ١٧٠)، حاشية الشرواني على تحفة المحتاج (٢/ ٢٨٥)، الفروق للسامري (ص: ١٩٧)، المغني (٢/ ١٤٣)، عمدة الحازم (ص: ٩٨)، الإنصاف (٢/ ٢٥٩).
(٣) التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٤٥٩)، وانظر: جواهر الدرر (٢/ ٣٢٨).
(٤) الإنصاف (٢/ ٢٥٩).
(٥) المحيط البرهاني (١/ ٤٠٩)، النهاية في شرح الهداية (٣/ ٥٢)، التوضيح لخليل (١/ ٤٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>