للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والقراءة، ومنه قيل للعرب أميون؛ لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة.

قال الله ﷿: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [الجمعة: ٢] أراد الأكثر الأعم، وإن كان فيهم القليل ممن يكتب ويقرأ.

وكان النبي أميًّا، وكان مع ذلك حافظًا لكتاب الله ﷿ فكانت آية معجزة، ومعنى أميته أنه لم يكن يحسن الكتابة ولا يقرؤها (١).

قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾ [الأعراف: ١٥٧].

وقال تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٨].

فنفى الله عن نبينا القراءة بقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو﴾ كما نفى عنه الكتابة بقوله: ﴿وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ﴾.

وفي الصحيحين من حديث ابن عمر، عن النبي قال: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب … (٢).

فكان قوله: (لا نكتب ولا نحسب) جملة تفسيرية لقوله: (إنا أمة أمية).

أراد أنهم على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب، فهم على جبلتهم الأولى (٣).

ومنه قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ [البقرة: ٧٨]:

فقوله: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ﴾ أي منهم من لا يحسن القراءة ولا الكتابة.

﴿لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ لا يعلمون ما في الكتاب؛ لأن من لا يستطيع أن يقرأ فلن يعلم ما في الكتاب الذي أنزله الله ﴿إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ أي إلا ما يتمنونه على الله بالباطل مما ليس لهم. ﴿وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ أي ما يتمنونه ظنًا منهم لا يقينًا (٤).


(١) الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي (ص: ٧٦).
(٢) صحيح البخاري (١٩١٣)، وصحيح مسلم (١٥ - ١٠٨٠).
(٣) لسان العرب (١٢/ ٣٤).
(٤) راجع تفسير الطبري (٢/ ١٥٧ - ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>