للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

صلى خلفه، وإن اختلف الناس في وجوب القضاء عليه، وهذه مسألة سبق بحثها (١).

قال الشافعي: وإن أم سكران لا يعقل، فمثل المجنون (٢).

وقال الصاوي في حاشيته: «والخلاف في السكران الذي عنده نوع من العقل، وأما الطافح الذي لا يعرف الأرض من السماء، ولا الرجل من المرأة، فهذا لا خلاف في أنه كالمجنون في جميع أحواله وأقواله فيما بينه وبين الله، وفيما بينه وبين الناس» (٣).

دليله من الكتاب: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣]، فلم تكن له صلاة حتى يعلمها ويريدها.

ومن الإجماع: قال ابن تيمية: « … أن عبادته -يعني السكران- كالصلاة لا تصح بالنص والإجماع، فإن الله نهى عن قرب الصلاة مع السكر حتى يعلم ما يقوله، واتفق الناس على هذا … » (٤).

وقال أيضًا: «اتَّفق العلماء على أنَّه لا تصحُّ صلاةُ مَنْ زال عقله بأيِّ سبب» (٥).

ولأن مناط التكليف هو العقل، فإذا زال ارتفع التكليف.

ولو جاز تكليف السكران الذي لا يعقل بالصلاة حال سكره لجاز تكليف الصبي؛ لأن الصبي له عقل وتمييز أكمل من تمييز السكران الفاقد عقله بالجملة.

الحال الثانية: ألا يتأثر عقله بالمسكر مطلقًا، إما لقلة ما شرب، أو لتعوده على شربه؛ حتى صار لا يتأثر به، فهذا إن كان معذورًا في تناول المسكر فالجمهور على صحة الصلاة خلفه، وإن كان معتديًا في شربه أخذ حكم الصلاة خلفه حكم الصلاة خلف الفاسق، فمن اشتراط العدالة في الإمام أبطل الصلاة خلف متعاطي السكر؛ لفسقه، إلا أن يكون الحاكم الشرعي، ومن صحح الصلاة خلف الفاسق صحح


(١) الفتاوى الهندية (١/ ٨٥)، البحر الرائق (١/ ٣٨١)، المدونة (١/ ١٧٧)، التوضيح لخليل (١/ ٤٥٧)، النوادر والزيادات (١/ ٢٨٤)، الأم (١/ ٨٧)، مختصر المزني، ت الداغستاني (٢/ ١٩٥)، مجموع الفتاوى (٣٣/ ١٠٦).
(٢) الأم (١/ ١٩٦).
(٣) حاشية الصاوي على الشرح الصغير (٤/ ٥١٢).
(٤) مجموع الفتاوى (٣٣/ ١٠٦)، الفتاوى الكبرى (٤/ ٢٠٤).
(٥) مجموع الفتاوى (١٠/ ٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>