كتاب موسوعة أحكام الصلوات الخمس

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= جاء في الحاوي (٢/ ٣٢٦): «شذ -يعني أبا ثور- عن الجماعة فجوز للرجل أن يأتم بالمرأة».
ومنهم من ينسبه لأبي ثور وأبي جعفر الطبري.
جاء في التبصرة للخمي (١/ ٣٢٨): «وأجاز أبو ثور والطبري إمامتها للرجال والنساء».
وقال ابن رشد في بداية المجتهد (١/ ١٥٥): «وشذ أبو ثور، والطبري، فأجازا إمامتها على الإطلاق، وإنما اتفق الجمهور على منعها أن تؤم الرجال».
وانظر: مناهج التحصيل (١/ ٢٩٨)، شرح كتاب التلقين (١/ ٣٦٩).
واختلفت حكاية القول عن الإمام المزني.
فابن المنذر نسبه للمزني تخريجًا له على قول آخر للمزني.
قال ابن المنذر كما في الأوسط (٤/ ١٦٢): «كان الشافعي يقول: لو صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور، فصلاة النساء مجزية، وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزية. وكان أبو ثور يقول: صلاتهم مجزية، وهو قياس قول المزني».
فأثبت القول لأبي ثور، ولم ينسب القول للمزني إلا على قياس قوله، أي تخريجًا على قول آخر للإمام المزني. وابن المنذر أعلم الناس بالمزني، فهو معاصر له، وإن كان المزني أكبر منه، وكلاهما من طبقة أصحاب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى.
والقياس على قول آخر للمزني قد لا يسلم القياس، وقد لا يلتزمه المزني، فما هو قول المزني الذي خرج هذا القول عليه.
قال المزني كما في مختصره (١/ ١٣٢): «كل مصل خلف جنب، وامرأة، ومجنون، وكافر يجزئه صلاته إذا لم يعلم بحالهم».
فاشترط المزني لصحة الصلاة خلف المرأة أن يصلي خلف من يظنه رجلًا فبان امرأة، ومثله لو صلى خلف جنب أو كافر أو مجنون، واشترط ألا يعلم بحالهم.
ومفهومه: أنه لو علم حالهم لا يصح الصلاة خلفهم لأنه قرن الصلاة خلف المرأة بالصلاة خلف الكافر والمجنون، فكيف يصح القول بأن المزني يرى إمامة المرأة تخريجًا على هذا القول، ثم جاء المتأخرون ونسبوا القول للمزني جزمًا، وليس قياسًا على قول آخر له.
جاء في تحفة المحتاج (١/ ٦٦٤): «ولا تصح قدوة رجل أي ذكر ولو صبيًا .... بامرأة إجماعاً في الرجل بالمرأة إلا من شذ كالمزني». وانظر: نهاية المحتاج (٢/ ١٧٣).
لهذا أستطيع الجزم بأن هذا القول ثابت عن أبي ثور، ولا تصح نسبته للمزني، فإن قيل: إن أبا ثور وافق المزني على مسألة ما إذا صلى خلف من يظنه رجلًا فبان امرأة، فلماذا لا يكون قول أبي ثور ربما كان تخريجًا على هذه المسألة؟
فالجواب: أن ابن المنذر قد فرَّق بين قول أبي ثور وقول المزني، وهو معاصر للمزني، ومن نفس المدرسة، وهو إمام، فلا يحسن أن يفرق ابن المنذر بين قول أبي ثور وقول المزني، ثم أرد عليه قوله، وأقول: قول أبي ثور كقول المزني، هو فيمن صلى خلف امرأة ولم يعلم =