للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولا يلحن في الفاتحة لحنًا يغير المعنى، ولا يخل بشروط الصلاة.

الصحة والفساد حكم وضعي، فالصلاة خلف الفاسق إما أن تكون باطلة أو صحيحة، لا فرق في ذلك بين الولاة وبين غيرهم، ولا بين العاصي والمبتدع، ولا بين الداعية والمجاهر وبين المستتر.

من قال بترك الصلاة خلف الفاسق حمله على ذلك العمل على إنكار المنكر، لا لفساد الصلاة، فهو من باب السياسة الشرعية.

[م-١٠١٤] المترشح للإمامة ينبغي له أن يكون عدلًا متجنبًا للكبائر غير مصر على الصغائر.

قال الماوردي: يحرم على الإمام نصب الفاسق إمامًا للصلوات؛ لأنه مأمور بمراعاة المصالح، وليس منها أن يوقع الناس في صلاة مكروهة (١).

ولأن تصرف الراعي منوط بالمصلحة، ولا مصلحة دينية ولا دنيوية في تنصيب الفسقة أئمة على الناس.

قال ابن تيمية: «الأئمة متفقون على كراهة الصلاة خلف الفاسق لكن اختلفوا في صحتها … ولم يتنازعوا أنه لا ينبغي توليته» (٢).

وإذا لم يوجد قارئ إلا من الفسقة صح توليته، ويراعى في ذلك تولية أقل الفاسقين فسقًا حتى لا تتعطل الشعيرة.

وأما إذا وجد غيره، فقد اختلف العلماء في صحة الصلاة خلف الفاسق في غير الجمعة والعيد:

فقيل: تصح الصلاة خلف الفاسق والمبتدع الذي لا يكفر ببدعته مع الكراهة، وهو مذهب الحنفية والشافعية، ورواية عن الإمام مالك ورواية عن أحمد، واختاره ابن حزم (٣).


(١) نقلًا من تحفة المحتاج (٢/ ٢٩٥).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٣/ ٣٥٨).
(٣) المبسوط (١/ ٤٠)، بدائع الصنائع (١/ ١٥٦)، المحيط البرهاني (١/ ٤٠٥، ٤٠٦)، كنز الدقائق (ص: ١٦٧)، النهاية في شرح الهداية (٣/ ٩)، تبيين الحقائق (١/ ١٣٤)، الدر
المختار (ص: ٧٧)، الفتاوى الهندية (١/ ٨٥)، الذخيرة (٢/ ٢٤٠)، المختصر الفقهي لابن عرفة (١/ ٣٢٢)، مواهب الجليل (٢/ ٩٤)، مناهج التحصيل (١/ ٢٨٨)، التبصرة للخمي (١/ ٣٢١)، الأم (١/ ١٩٣)، المجموع (٤/ ٢٨٧)، تحرير الفتاوى (١/ ٣٤٢)، تحفة المحتاج (٢/ ٢٩٤)، مغني المحتاج (١/ ٤٨٥)، نهاية المحتاج (٢/ ١٤٢)، أسنى المطالب (١/ ٢١٩)، المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (١/ ١٧٢).
قال الماوردي في الحاوي الكبير (٢/ ٣٢٨): «الفسق على ضربين:
أحدهما: أن يخرجه من الملة .... فإمامته غير جائزة، فمن ائتم به كان كمن ائتم بكافر ....
والضرب الثاني: من الفسق ما لا يخرج من الملة، ولا يباين به أهل الشريعة.
وهو على ضربين:
أحدهما: أن يكون في الفعل، ك (شارب الخمر) نادمًا، والمقدم على المحظورات خائفا مستنفرًا.
والثاني: أن يكون في الاعتقاد. كمن يرى سب الصحابة ، وتكفيرهم كالخوارج وغيرهم. فهذان الضربان من الفسق لا يكون بهما كافرًا، وإمامة من هذا وصفه مكروهة ولا إعادة على من ائتم به».
ونقل أبو الحارث في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد كما في كتاب الروايتين والوجهين (١/ ١٧٢): «وقد سئل: هل يصلي خلف من يغتاب الناس؟ فقال: لو كان كل من عصا الله تعالى لا يصلى خلفه، من يؤم الناس على هذا؟. وقال في رواية حرب: يصلي خلف كل بر وفاجر، فلا يكفر أحد بذنب».
وقال ابن حزم في المحلى (٣/ ١٢٧): «تجوز إمامة الفاسق، ونكرهه إلا أن يكون هو الأقرأ والأفقه فهو أولى حينئذ من الأفضل إذا كان أنقص منه في القراءة».

<<  <  ج: ص:  >  >>