للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حجة من قال: يشترط لنفي الكراهة أن يكون من يوليه يراعي الشروط الشرعية:

قالوا: إن تصرف الحاكم ونوابه من أمراء وقضاة ومدراء، لا يتصرفون إلا بما فيه الحظ والمصلحة للناس، عملًا بالقاعدة الفقهية: تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة، فكذلك نوابه (١).

حتى قال مجموعة من الفقهاء: كل متصرف عن الغير فعليه أن يتصرف بالمصلحة (٢).

فإذا كانت الجهة التي تختار الأئمة والمكلفة من قبل ولي الأمر تراعي الشروط الشرعية في تنصيب الأئمة كان اختيارها للإمام رافعًا لجهالة حاله؛ لأنها باختيارها قد شهدت له بالعدالة والأهلية للإمامة، فارتفعت الكراهة عن الصلاة خلفه.

وإن كانت هذه الجهة لا تراعي الشروط الشرعية، فإنه يكره الصلاة خلف الإمام الراتب إذا كان مجهول الحال حتى يكشف عن حاله، والله أعلم.

والراجح:

صحة الصلاة خلف مجهول الحال، لثلاثة أمور:

أحدها: أن صلاة هذا الرجل لنفسه صحيحة، تسقط عنه الطلب، وفعل الإمام كفعل المنفرد، لا أثر له في صلاة المأموم، ولذلك تصح إمامته ولو لم ينو الإمامة على الصحيح، فيكفي أن ينوى المأموم الائتمام فيصح الاقتداء به، علم الإمام أو لم يعلم، وهذا دليل على خفة شرط الإمامة، فالمأموم لا يحتاج من إمامه إلا صحة صلاته، فلو كان لها ذلك الأثر في صلاة المأموم لاشترط للإمام أن ينوي الإمامة، واتهام الفاسق أنه ربما يصلي صلاة فاسدة، ثم قياس مجهول ا لحال عليه، فهذا لا يفعله إلا من كان مغموسًا في النفاق، فكما أنه يصوم ويزكي ويحج، وأفعاله على


(١) المنثور للزركشي، (١/ ٣٠٩)، مجلة الأحكام العدلية، مادة (٥٨)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص ١٢١)، والأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ١٠٤)، شرح الزركشي على الخرقي (٣/ ٦٦٤).
(٢) الأشباه والنظائر للسبكي (١/ ٣١٠)، والأشباه والنظائر لابن الملقن (١/ ٤٧١)، والأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>